لم تجد بعض الأحزاب أمامها من حل غير اعتماد مبدأ « دار.. دار. زنقة.. زنقة. شارع.. شارع » لمخاطبة التونسيين، وعرض برامجها عليهم ومحاولة استمالتهم لنيل اصواتهم يوم 23 اكتوبر، حيث يعتقد بعض المرشحين رغم ارتفاع عدد المرشحين لانتخابات المجلس التأسيسي واتساع عدد القوائم الانتخابية الحزبية والائتلافية والمستقلة، إلا أن لا شيء في الشارع التونسي يوحي بوجود حدث سياسي مفصلي في تاريخ البلاد، حيث مازال عامة التونسيين يتعاملون مع الحملة الانتخابية ببرود واضح يؤكد القطيعة الموجودة بين الشعب والسياسة، وهي ظاهرة متوارثة من عهدي الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، اللذين حكما البلاد بالتوالي منذ العام 1957. وأعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كمال العبيدي خلال مؤتمر صحافي أن «الحملة الانتخابية انطلقت محتشمة في اغلب مناطق الجمهورية»، و برر ذلك بإمكانية ان يكون السبب قلة التجربة او عدم الجهوزية. في خضم ذلك، لم تجد بعض الاحزاب امامها من حل غير اعتماد مبدأ « دار.. دار. زنقة.. زنقة. شارع.. شارع » لمخاطبة التونسيين، وعرض برامجها عليهم ومحاولة استمالتهم لنيل اصواتهم يوم 23 اكتوبر، حيث يعتقد بعض المرشحين ان الاتصال المباشر بالمواطن في بيته وشارعه هو الحل الافضل لاقناعه بضرورة التخلي عن حياده السلبي، وبتجاوز صمته غير المبرر. ويرى عالم الاجتماع التونسي رضا بوكراع ان المواطن التونسي غير معبأ سياسيا، لكنه يضيف: «لا اعتقد ان التونسيين سيقاطعون الحملة الانتخابية او سيعاقبون السياسيين، لانهم يدركون جيدا الحاجة الملحة للخروج بالبلاد من الوضع الضبابي والغامض الذي تمر به حاليا». وحرصت بعض القوائم الانتخابية على إطلاق الوعود خلال توجهها لمنازل المواطنين، ومنها وعود بتوفير عمل، وتأمين صحي مجاني، ومساعدة الشبان والفتيات على الزواج. ويعتقد المراقبون ان نسبة التصويت في انتخابات المجلس التأسيسي لن تتجاوز ال45 بالمئة في افضل الظروف، رغم كل ما قامت به الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من جهود مضنية لجعل يوم 23 اكتوبر «موعدا مصيريا ومنعطفا تاريخيا للبلاد». ولعل من الظواهر المثيرة للاهتمام، والتي رافقت بدايات الحملة الانتخابية تعمد تمزيق اللافتات وملصقات الدعاية الانتخابية في اغلب المناطق، بطريقة تدل على سعي بعض الاطراف السياسية الى اقصاء منافسيها والغاء حضورهم. ويلاحظ المراقبون ان الاحزاب التي حظيت بوعود انتخابية جادة من قبل المشاركين في عمليات تقصي الاراء، مثل حركة النهضة وحزب العمال الشيوعي التونسي والحزب الديمقراطي التقدمي، هي الاكثر تنظيما وحضورا في الشارع، لافتين إلى أنها «الاقدر على تجنيد انصارها لحماية معلقاتها في الشارع». مراقبة مستمرة : ويقول رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات انه تم توفير آليات مراقبة للحملة الانتخابية من خلال انتداب 810 مراقبين، مع امكانية تعزيزهم بمراقبين آخرين. واشار الى انه تم تخصيص وحدة عمل لرصد محتوى وسائل الاعلام لضمان حيادها، ومنظومة لمراقبة شفافية الحملة من خلال تقارير يقوم برصدها المراقبون. وقال الجندوني: «تم تخصيص 12 الف صندوق اقتراع واكثر من 30 الف خلوة (غرفة سرية)، و12 ألف وحدة مكتبية»، على ان ينطلق الاسبوع القادم حملة « تونس تنتخب» لتوعية المواطنين بضرورة المشاركة بكثافة في اهم موعد انتخابي تعددي وديمقراطي في تاريخ تونس الحديث. لولوش.. أول يهودي يخوض الانتخابات : سيكون جيل جاكوب لولوش التونسي اليهودي الاول والوحيد الذي يخوض انتخابات المجلس التأسيسي في 23 اكتوبر الجاري، في خطوة لا سابق لها في تاريخ تونس المعاصر. ويترشح لولوش تحت راية الاتحاد الشعبي الجمهوري، وهو حزب جديد صغير لا يتمتع بامكانيات كبيرة، لكن برنامجه يعجب مواطني ضاحية حلق الوادي الساحلية قرب العاصمة التونسية التي كانت من معاقل الجالية اليهودية. وقال المرشح الخمسيني، المولود في حلق الوادي، «لم يسبق ان انتخب اي يهودي كل الذين تولوا مناصب سياسية كانوا عبر التعيين». وكان لولوش يمزح في حديث مع «فرانس برس»، وهو يتناول كأس نبيذ مع خبز وجبن قبل الغداء، بين الفكاهة واللباقة المتوسطية. وقد ارتدى في اول حملة انتخابية يخوضها «الجبة» (العباية) التقليدية التونسية التي يحبذها التونسيون في المناسبات الكبرى. وبعدما هتف احد مواطنيه في سوق حلق الوادي: «اننا الان نعرف لمن سنصوت»، قال لولوش ان «التزامه شخصي» ولا علاقة له بالجالية اليهودية التي اصبح عددها لا يتجاوز الفي شخص تقريبا في كامل ارجاء تونس. صحيفة البيان الاماراتية - 07 أكتوبر 2011