لا تتجه أزمة عرض شريط الصور المتحركة «بارس بوليس» على قناة نسمة إلى الحل، خصوصا بالنظر إلى تطورات الأزمة على الموقع الاجتماعي، حيث يحشد الكثير من الناشطين قواهم في عشرات الصفحات ضد القناة وخصوصا ضمن خطة يقودها عدد هام من المحامين. بالتوازي مع ذلك، لاحظنا نوعا من الإجماع لدى الناشطين الحقوقيين في الموقع على رفض كل أشكال العنف المادي أو اللفظي ضد قناة نسمة، وكتب زميل جملة بسيطة تناقلتها العديد من الصفحات: «من كان عنده مشكل مع أي قناة، فعليه أن يتقدم بقضية، أما أساليب الإرهاب والتكسير العائد للقرون الوسطى فليس لها مكان». كما تم نشر عدة مقالات تحذر من خطورة هذا التوتر على المسار الديمقراطي وتدعو السياسيين إلى القيام بدورهم في تأطير الناس ومقاومة العنف. من جهة أخرى ذهب الكثير من «العقلاء» إلى عدم اختزال الحادثة في معركة بين «قناة تريد أن تقنعنا بأنها حداثية تدافع عن الحرية في مواجهة عصابة من مجانين التطرف». وقد وجد الناشطون على الموقع في حديث للزميل حبيب الغريبي عن هذه الحادثة رأيا جيدا تم تداوله بكثافة ونال إعجاب الكثيرين، يعتبر فيه أن عرض هذا الفيلم «مسألة في مجملها غير بريئة في توقيت غير بريء»، ولقي هذا الموقف الكثير من التقدير والتقاسم على الموقع مع تعاليق من نوع: «ما كان أغنانا عن مثل هذه الأزمة في هذه الأيام». وكتب ناشط معروف في مجال المسرح: «ما أعرفه أن شريط بارس بوليس ليس ممنوعا في تونس، وقد عرض في مهرجان قرطاج، وبإمكان أي شخص أن يشاهده في بيته، لكن ما أرفضه هو أن يعرض الفيلم في قناة عامة مفتوحة للجميع وفي مثل هذا الظرف المتوتر». لكن مثل هذه الآراء الهادئة تضيع أحيانا وسط ضجيج الدعوة إلى الانتقام من القناة وأصحابها والعاملين فيها، واتهامهم بكل التهم، بدءا بإعادة نشر مقاطع فيديو يتقرب فيها صاحب القناة من النظام السابق ومن بن علي، وصولا إلى مقالات حديثة تتهم القناة في ولاءاتها وتوجهاتها. ومنذ صبيحة أمس، ظهرت على الموقع دعوة يتزعمها عدد من المحامين في العاصمة وداخل البلاد تدعو إلى «تنسيق الجهود من أجل عمل جماعي أمام القضاء وعمل شعبي بالتظاهر والاحتجاج». غير أن دعوتهم اقترنت بتعاليق صاخبة وعنيفة تدعو إلى الانتقام ممن «دنس المقدسات» وغير ذلك من المبررات التي لا أحد يعرف تأثيرها لدى المتطرفين. ودعا ناشط حقوقي «الغاضبين» إلى التجمهر أمام مقر محكمة تونس عند الساعة الحادية عشرة، كما دعا الباقين داخل البلاد إلى التنسيق مع عدد من المحامين في الجهات ممن تطوع لتتبع هذه القضية أمام المحاكم. كما تم نشر قائمة أولية تضم أسماء وأرقام هاتف أكثر من 50 محاميا للاتصال بهم وتدعيم الحملة الجماعية للتقدم بقضية ضد القناة. في الأثناء، يستمر الموقع الاجتماعي في الغليان وتنتشر فيه الدعوات الخطيرة إلى العنف بما يثير الخوف، لأن المسألة لم تنته عند أحداث أول أمس.