التلوث معضلة كبيرة في مدينة قابس ضرب البر والبحر والهواء وجعل الجهة تعاني ويلاته منذ عقود وسط صمت الساسة والسياسيين عنه واعتباره موضوعا محرما لا يمكن الخوض فيه مطلقا.وبعد الثورة تحركت الهيئات والجمعيات البيئية بدعم من اغلب الأهالي ان لم نقل كلهم لفتح موضوع طال السكوت عنه.. «الشروق» التقت عددا من المواطنين لمعرفة مواقف الاحزاب وبرامجها لمقاومة التلوث. الوعي بخطورة الوضع البيئي بمدينة قابس جماعي فلا تكاد تجد مواطنا لا يحدثك بحماس عن ضرورة العناية بمشكل التلوث وايجاد حل جذري له ينقذهم من ويلاته ومخاطره على صحتهم أولا وعلى مختلف القطاعات النشيطة كالصيد البحري والفلاحة والسياحة ثانيا وضع بيئي حرج الدكتور عبد الله الزرلي ناشط في الميدان البيئي يؤكد انه «رغم اجماع كل الناس على أن الوضع البيئي بلغ درجة لا تحتمل ولا تطاق أولا لان الفوسفوجيبس الحق بالبحر ضررا واضحا وفادحا بما أدى الى تضرر الثروة السمكية في الخليج ضررا ملموسا كما اضر بالبحر من ناحية الاصطياف والسياحة على نحو بالغ الأهمية يعاضده التلوث الهوائي لغاز النشادر والغاز الكبريتي والفليور لتتكاثر الامراض الناتجة عنها اما الفحم البترولي فقد بلغ هذه الايام من الخروقات حدا ادى الى استفزاز العمال المجاورين للميناء وبلغ بهم الاحتجاج ان منعوا باخرة من افراغ حمولتها بالميناء بعد ان ارتفعت الكميات المكدسة من هذه المادة اكثر من 7 امتار متجاوزة ما هو مسموح به (في حدود 4 امتار) بالاضافة الى عدم تغطيتها وحمايتها بشبكة واقية تمنع تسربه الى رصيف لا يتم غسله من حين الى آخر للتقليل من تلوثه». ويواصل الدكتور عبد الله الزرلي حديثه «كميات الفحم البترولي كانت مخصصة في البداية لتشغيل معمل اسمنت قابس لتتوسع شيئا فشيئا لتشمل معامل الاسمنت بالنفيضة وجبل الوسط ومعمل الاسمنت بالقيروان الذي سيفتح ابوابه قريبا مما سيجعل الجهة مجمعا لنفايات خطيرة ستزيد من الوضع البيئي سوءا وتدهورا وهو ما اثر حسب قول العمال على احدهم واصابه بالسرطان وادى الى تيقظ هذا المرض الخبيث لدى مهندس فرنسي». «ومع تواصل تجاهل المتسببين في التلوث لحق المواطنين في بيئة خالية من السموم وعدم الرد على تساؤلاتهم وكيفية الحد من مخاطر التلوث فان المطالبات الهادئة قد تتحول الى احتجاجات ميدانية ومسيرات صاخبة». واذا كان الدكتور عبد الله الزرلي متفائلا بما يمكن ان تقوم به الاحزاب من اجل الوصول الى بيئة افضل فان الشاب عرفات الأمين يرى ان «الأحزاب لم تعر هذا الموضوع ما يستحقه من أهمية فلم تركز اغلب القائمات التي ترشحت لانتخابات المجلس الدستوري كثيرا عليه واهتموا بالمقابل بمواضيع تهم الشباب والمرأة والمواضيع السياسية في حين ان مشكل التلوث في قابس عويص جدا ولا يمكن الحديث عن تنمية وتشغيل دون المرور بحل جذري لهذه المعضلة». «فموضوع التلوث موضوع حساس كانت السلطة تتجنب الخوض فيه بل وتمنع الاشارة اليه من قريب أو بعيد معتبرة اياه من المواضيع المحرمة ويبدو أن الاحزاب لم تتجرأ على الخوض فيه خوفا من عدم التمكن من الايفاء بوعود البحث عن حلول له بما يمكن ان يجعل مصداقيتها في الميزان عند دخولها غمار الانتخابات القادمة وشخصيا اعتبر غياب موضوع التلوث عن الحملة الانتخابية ثغرة تتحمل مسؤوليتها كل الاحزاب التي لم تعر المشكل ما يستحقه من اهمية». حل معضلة التلوث منطلق حل المشاكل التنمويةمعاذ بنعلي شاب شارف الثلاثين وجدناه يتطلع الى القائمات الانتخابية احزابا ومستقلين وائتلافا فسالناه عن كيفية تعامل مختلف القائمات مع موضوع التلوث فاجاب «باستثناء ثلاث قائمات على اقصى تقدير فان بقية القائمات لم تعر الموضوع ما يستحقه من اهتمام ولم تحدد في برنامج حملتها الانتخابية تظاهرات بيئية تذكر للتنبيه بضرورة وضع المحافظة على المحيط بندا من بنود الدستور القادم يجرم كل متعد عليه ويلزمه بدفع تعويضات كبيرة للمتضررين». «وفي الحقيقة فلدي تصور لمشكل التلوث في قابس فلم لا يتم تحويل المجمع الكيميائي الى منطقة بعيدة عن العمران كما سيحدث بالنسبة لمعمل «السياب» بصفاقس وبذلك نتمكن من اعادة استغلال المنطقة بحريا وفلاحيا وسياحيا ولكن مختلف الاحزاب لم تهتم في حملتها كثيرا بمشكل التلوث وصبت اهتمامها على الجانب السياسي في حين ان حل مشكل التشغيل مثلا يمر عبر القضاء على التلوث لاعادة الحياة لعديد القطاعات الاقتصادية كالصيد البحري والفلاحة الواحية والسياحة وغيرها..».