مشاهد تركيز خيام الإعتصامات وسط مدينة قفصة أصبحت ملفتة للإنتباه هذه الأيام إذ برزت الخيام بألوان مختلفة في أكثر من شارع وأمام مؤسسات عديدة. فبمدخل معتمدية قفصة الجنوبية نصب بعض العاملين ضمن الآلية 16 خيمة معبرين عن احتجاجهم على هشاشة وضعهم مطالبين بتحسين وضعياتهم وتمكينهم من عمل يضمن لهم الاستقرار وهم الذين يتقاضون منحة ب 120 دينارا على امتداد 9 أشهر ليعودوا بعدها إلى البطالة حسب ما أفادنا به بعض الشبان والكهول وقد انضاف إلى خيمة (الآلية 16) عاطلون عن العمل يأملون في الحصول على فرصة شغل تخرجهم من حالة التهميش الاجتماعي، خيمة مماثلة تم تركيزها منذ مدة أمام مقر الادارة الجهوية للتكوين المهني والتشغيل تبناها عشرات العاطلين عن العمل من أحياء مختلفة من مدينة قفصة يعيشون ظروفا صعبة وكان لمؤسسات أخرى نصيبها من خيام الباحثين عن شغل والطامحين إلى تحسين وضعياتهم حيث رصدت «الشروق» خيمة اعتصام أمام دار الشباب بقفصة وأخرى أمام مقر محكمة الناحية أما الفضاء الذي استقطب أكبر عدد من خيام المعتصمين فهو الشارع المقابل لمقر ولاية قفصة الذي يمثل نبض الشارع الاجتماعي والاحتجاجي خاصة وأن عموم المحتجين مهما اختلفت مشاغلهم يجدون على مقربة منهم مقر إذاعة قفصة وهو ما يسهل عليهم تبليغ أصواتهم عبر موجات الأثير في برامج عديدة مفتوحة بإستمرار لمشاغل الناس وقد انتصبت في هذا الشارع خمس «خيام» كان أولاها خيمة لبعض العاملين في قطاع التاكسي الذين يطالبون برخص إضافية تمكنهم من تأمين مورد رزقهم في الوقت الذي يشهد فيه هذا الملف تجاذبات مختلفة واختلاف وجهات النظر بين النقابة والجهات المسؤولة والعاملين بقطاع التاكسي أما الخيمة الثانية فقد ركزها عاملون بولاية قفصة ضمن الآلية 16 معبرين عن رفضهم لهذه الآلية التي ستنتهي الاستفادة منها في فترة قريبة قادمة مطالبين بإيجاد حلول جذرية لهم تضمن الشغل المستقر الخيمة الثالثة حملت لافتة ضخمة بإسم جرحى الثورة الذين حدثنا بعضهم عن مطالبتهم بالتعويضات التي تأخرت رغم استكمالهم لملفاتهم «حسب ما صرحوا به البعض من هولاء شككوا في اسناد تعويضات لأشخاص يعتبرونهم لا علاقة لهم بجرحى الثورة! ومع اصرارهم على معالجة ملفاتهم في أقرب الآجال فإنهم يؤكدون أن «التشغيل حق مقدس لجرحى الثورة» الخيمة الرابعة المنتصبة بشارع الولاية ركزها عدد هام من العاطلين عن العمل جاؤوا من مختلف أحياء ومعتمديات ولاية قفصة، أحدهم قال ل «الشروق» : الثورة قامت من أجل حقنا نحن في الشغل لكن لم يكن لنا أي حظ فالحقوق نالها «المترسمون» في أعمالهم من خلال الزيادات في الأجور وتحسين أوضاعهم وبصوت عال صرح أحد العاطلين من المعتصمين ل «الشروق» بأن الأعمال في مجالي البيئة والحضيرة تقاسمها أعضاء لجان حماية الثورة ووزعوها على أقاربهم وأصدقائهم أما المحتاجون الحقيقيون فبقوا على حالهم» وهو ما دفع أحدهم (متزوج واب لبنت معوقة) إلى الصراخ قائلا «وأنا في هذا الوضع ولي كل أنواع رخص السياقة لم يلتفت لي أحد لمساعدتي على تأمين مورد رزق محترم!» أما الخيمة الخامسة في شارع الولاية الذي يحلو للبعض بمدينة قفصة أن يسميه «شارع الخيام» فهي خيمة عملة الحضائر وهي الأكثر شعبية إذ يتردد عليها عدد هام من العمال يوميا من مختلف الأعمال من العاملين في شتى القطاعات من الرجال والنساء والمتقدمين في السن والشباب والشابات ومطالبهم جميعا الادماج والاجور القانونية والتغطية الاجتماعية «الشروق» زارت هذه الخيام نهارا لتقف على تواصل النقاشات أمامها وإقبال عديد الفضولين لإستكشاف المكان أما ليلا فكشفت زيارتنا «لشارع الخيام» عن أحاديث السهر وطبخ «الشاي» والاستماع إلى الأغاني ومتابعة الأخبار عبر «المذياع» مع إشعال مواقد للتدفئة وتناول بعض الوجبات جماعيا في انتظار بزوغ شمس يوم آخر قد يحمل معه خبرا جديدا ينعش المعتصمين الذي أجمعوا في حديثهم الينا أن اعتصاماتهم سلمية وحضارية ترفض العنف وتنأى بنفسها عن «التسيس» و«التصعيد» وإن كان بعض المقيمين في الخيام «أسرّ» إلينا أن تلميحات ورسائل غير مباشرة وصلتهم في اتجاهات لا يرضونها مشددين على رفضهم لأي شكل من أشكال الاستغلال السياسي لمطالبهم!.