«مع تمنياتنا بالتوفيق سيدي الرئيس»، كتبها ناشطون تونسيون من عدة اتجاهات سياسية على صفحات الموقع الاجتماعي إلى الدكتور «المنصف المرزوقي» صبيحة يوم ترشيحه وانتخابه المتوقع رئيسا للبلاد، فيما هاجمه آخرون لقبوله برئاسة وصفوها بأنها شرفية. بصفة عامة، يحظى الدكتور المرزوقي باحترام واضح في الموقع الاجتماعي ومختلف المواقع التونسية، ولا يجد خصومه القلائل من باب للنفاذ إليه إلا عبر ما يسمونه «تحالفه مع النهضة، تقديمه تنازلات كبيرة وقبوله بمنصب شرفي أقل من حجم نضاله التاريخي إزاء نفوذ واسع لرئيس الحكومة النهضوي». وبتصفح العديد من الصفحات التونسية على الموقع، بدا لنا الدكتور المرزوقي في طريق مفتوحة بلا عوائق نحو قصر قرطاج، حيث سوف يصبح «سيادة الرئيس»، مع أن ناشطا حقوقيا كتب له عبارة صغيرة: «مع تمنياتي أن لا يلتصق اسمك بأي لقب وهمي من نوع المجاهد، صانع الأمجاد والتغييرات، وحيد عصره... وأن يظل اسمك المنصف المرزوقي فقط، الذي سوف يؤدي واجبه الوطني ويقبل الرحيل عن الكرسي عندما يحين ذلك». في المقابل، لم يهتم التونسيون في الموقع بما راج من أسماء أخرى أبدت رغبتها في الترشح، ثم تنازلت عن ذلك، وكتب زميل في صحيفة يومية: «ترشح دون مفاجآت، المرزوقي يجني ثمار تحالفه مع النهضة، وكنا نود أن نراه رئيسا برغبة الشعب». عمليا، تكشف مختلف التعاليق أن الدكتور المرزوقي سوف يكون أول رئيس «منتخب» للبلاد التونسية في تاريخها الطويل، وإن لم يكن انتخابا مباشرا من الشعب، لكن سوف تختاره أغلبية نواب المجلس الذين اختارهم الشعب. لذلك لم تشهد الصفحات التونسية متابعة دقيقة لتفاصيل هذا الترشح، واكتفى الجميع بالانتظار إلى حدود منتصف النهار حين تم نشر صور عن تقدم الدكتور المرزوقي بمطلب الترشح إلى كتابة المجلس التأسيسي، بخط يده، حيث بدت الكلمات معوجة، كما لو كان كتب المطلب وهو واقف على عجل. «الأطباء يكتبون بخط معوج دائما»، كما علقت ناشطة من المؤتمر من أجل الجمهورية. مناضلون وناشطون اختاروا تلك اللحظة، لاستحضار بعض المراحل من التاريخ النضالي الكبير للدكتور المرزوقي، آخرون استغلوا الفرصة ليكتبوا عما يسمونه «خيبة أمل» في الدكتور المرزوقي، لتحالفه مع النهضة ولقبوله بشروطها في صلاحيات الرئيس التي بدت لهم أضيق من حجمه الكبير. كتبت ناشط من المؤتمر ردا على ذلك: «يلومون على الدكتور ويتهمونه بتهم أترفع عن ذكرها، كما لو كان مطالبا بأن يحارب النهضة بالوكالة عنهم». غير أن ناشطين من المعارضة خصوصا، يذكرون أنهم قد «قاتلوا بضراوة في المجلس لكي يأخذوا له صلاحيات حقيقية بدل الصلاحيات الفارغة التي أعطتها له النهضة مقابل التحالف معهم». وفي الصفحات النهضوية والقريبة منها، نقرأ عبارات المساندة للسيد الرئيس المنتظر، مع تقاسم مقاطع فيديو شهيرة للدكتور المرزوقي أيام المحنة في الأعوام الأخيرة من حكم بن علي، عندما ظل متمسكا برأيه، صلبا، واضحا في مطالبه التي لا تقبل غير رحيل الدكتاتور وإعادة السلطة إلى الشعب. ثمة آراء أخرى كثيرة عن الدكتور المرزوقي، بعضها يخص حتى شكله وهيئته التي يراها البعض لا تتماشى مع الصورة التاريخية للرئيس العربي ذي الوجه المحنط والمصنوع في صالونات التجميل، لكن مثل هذه الاعتراضات لا تزعج ناشطي المؤتمر وأنصار الدكتور الرئيس، الذين تقاسموا صور وثيقة ترشحه الرسمي بكثافة، مع عبارات: «بالتوفيق، سيدي الرئيس».