أمضى أعضاء المجلس الوطني التأسيسي أمس ساعات طويلة في مناقشة البيان الحكومي الذي أثار عدة ملاحظات بشأنه من حيث تسميته (بيان حكومي أم برنامج حكومي أم برنامج انتخابي أم إعلان نوايا) أو من حيث مضمونه والصيغة التي كتب بها. تركزت عشرات المداخلات على إبداء تحفظات كبيرة على فحوى هذا البيان (بالنسبة الى نواب كتلة المعارضة) أو على الاشادة بمضمونة وبتجانس التركيبة الحكومية مع ابداء بعض الملاحظات بخصوص بعض النقاط التي أغفلها البيان (بالنسبة الى نواب الائتلاف الثلاثي). تحفظات وملاحظات وقال النائب احمد ابراهيم انه لا خلاف في النوايا وفي الاهداف العامة ولا خلاف حول ضرورة انصاف الشهداء ورفع المظالم وجبر الاضرار وإصلاح الادارة وأولويات التشغيل والتنمية الجهوية ولكن ما كنّا ننتظره هو تقديم برنامج متكامل ومتناسق حتى يمكن الحكم له او عليه. وأضاف ابراهيم ما رأيناه اعلان نوايا دون التعرض الى الاختيارات الكبرى للحكومة متسائلا ما هو دور الدولة ودور الاستثمارات العمومية وكيف سننهض بالتنمية الجهوية اذا أبقينا على الرؤية الفوقية وواصلنا العمل بما كانت عليه الامور في السابق دون ارساء اقطاب تنموية جهوية دعما للامركزية. وأكد ابراهيم ان هذا البيان لا يسمح بأن نتخذ منه موقفا بالسلب او الايجاب وهو لا يختلف كثيرا عما سمعناه في البرامج الانتخابية. وأكدت مية الجريبي من جانبها ان البيان الحكومي يجب ان ينظر الى اجراءات عملية قابلة للتحقيق الآن وهنا وهذا ما افتقدناه في هذا البيان الحكومي الذي لم يخرج عن النوايا وارسال رسائل عامة. وبخصوص مشكل التشغيل قالت الجريبي ان هذا البيان لم يتحدث عن نسبة النمو التي يمكن ان نحققها ولا عن الآليات التي تمكن من تحقيقها، ولا عن عدد مواطن الشغل التي تعتزم الحكومة خلقها. وتساءلت ممثلة الحزب الديمقراطي التقدمي وفق اي خطة تتحدث الحكومة عن خلق مواطن شغل من بوابة ليبيا وأوروبا وما هو تصوّر الحكومة للاصلاح الجبائي؟ قبل ان تختم بالقول: نحن في حاجة الى تعديل حقيقي لهذا البيان حتى يشعر التونسيون أننا انتقلنا من زمن النوايا والعناوين الكبرى الى زمن العمل. وتلخصت ملاحظات النائب محمد الطاهر التليلي في اعادة النظر في مسألة الاراضي الدولية وإعادة النظر في جدولة الديون الصغيرة، وإعادة النظر في التكوين واعطاء قيمة هامة للبحث العلمي». واعتبر النائب حطّاب البركاتي ان «البيان الحكومي يتسم بالعموميات وقد غابت عنه التوجهات الواضحة والملموسة، كما انه ليست هناك سياسة اقتصادية ستنتهجها الحكومة من شأنها أن تعطي اشارات واضحة لتغيير السياسات القديمة لأن ما نراه ان السياسة هي نفسها». واقترحت منى بن نصر «تحديد أهداف مرقمة ومحددة زمنية نقيّم من خلالها النتائج التي وصلنا اليها»، مقترحة فصل وزارتي التجارة والصناعة وهو ما أيده فيها نائب آخر. النوايا لا تكفي واعتبر النائب الأصغر في المجلس فؤاد ثامر ان هذا «برنامج مطلق قائم على شعارات «سنعمل، سنساهم»... لكن النوايا لا تكفي ويجب الاتفاق على انها حكومة انقاذ وطني اي يجب ان تكون عملية أكثر. وتساءل ثامر «لماذا ادماج الشباب بالرياضة في وزارة واحدة؟ معتبرا ان مشكلة الشباب ليست في الرياضة وان هذا الادماج كان قائما في النظام البائد. وقال النائب المهدي بن غربية ان «ما هو بين أيدينا اليوم اعلان نوايا طيبة وحسنة، أما ان نقول إنه برنامج حكومة فهذا فيه شيء من التعسف». وأضاف أن «التحديات التي تواجهها الحكومة اليوم كبيرة فإذا كانت ستوفر ما بين 20 ألفا و25 ألف موطن شغل في الوظيفة العمومية كم ستوفر من موطن شغل في القطاع الخاص الذي يشغل في العادة ما بين 15 و20 ضعفا من القطاع العام. واعتبرت النائبة سعاد عبد الرحيم أن بيان الحكومة فيه برامج طموحة، لكنه يفتقد لآليات التنفيذ، مضيفة أن المرحلة الراهنة تتسم بهشاشة الاقتصاد وضعف الموارد، وأن من بين الحلول العاجلة ترشيد النفقات العمومية بأن تقوم أجهزة الرقابة في كل وزارة بمهمتها بكل حزم. واقترحت عبد الرحيم أن يكون التصريح بالممتلكات بصفة دورية وليس فقط عند البدء بممارسة العمل الحكومي والخروج منه. وقالت عبد الرحيم، تزكي هذه الحكومة وسنكون عين المواطن الرقيب عليها، واعتبر النائب عن حركة النهضة وليد البناني أن هذا بيان وليس برنامجا، لذلك جاءت فيه اشارات ورسائل يجب أن يقرأها من صنع الثورة ومن ذلك الاشارة الواضحة التي ينتظرها أهالي الشهداء والجرحى. وحذرت النائبة لبنى الجريبي من أن الصيغة المستعملة في البيان الحكومي «دخيلة على مجتمعنا»، حيث تمّ استعمال عبارة المجتمع الأهلي ونحن نعرف المجتمع المدني. كما نبهت الى ضرورة عدم الخلط بين الانتماء الحزبي والالتزام الحكومي.