ظلّت مسألة البنى التحتية من المسائل والملفات التي تلقي بظلالها على المشهد العام بجهة جندوبة وتسبب صعوبات ومعاناة تختلف باختلاف الزمان والمكان. حيّ السعايدية 3 يوجد بضواحي مدينة جندوبة وبالتحديد على مفترق الطريق جندوبةالكافوجندوبة غارالدماء ويبعد عن وسط المدينة 1.5 كلم وهو من الأحياء الحديثة ويضم 8 الاف عائلة كانت تمني النفس بالعيش الكريم والتخلّص من هاجس الكراء والترحال من مكان الى آخر بحثا عن الاستقرار والاستراحة من عناء السفر لكنهم أصبحوا يعيشون مأساة حقيقية ومعاناة عميقة. الحي يسبح في برك المياه حيّ «السعايدية 3» ورغم أهمية موقعه الاستراتيجي بمدخل مدينة جندوبة وامتداده على مساحات كبيرة بالجهة الجنوبية أصبح أشبه ما يكون ب «سبخة» فالمياه والبرك تحاصر البيوت من كل الجهات فتغزوها حينا وتعزلها أحيانا في مشهد قل وجوده في العصر الحالي. «تسونامي» المياه الراكدة وسط البيوت والانهج والشوارع لمسته «الشروق» من خلال الزيارة الميدانية للحيّ. فالخالة خديجة كانت يدها لا تهدأ وهي تفرغ ماء داهم منزلها ورائحة مياه راكدة تنبئ بوباء قادم على مهل. وبين فرحة وشقاء الخالة خديجة شدت انتباهنا طفلة الخامسة وهي تسترق الخطى وسط نهج غزته المياه والسيول تنطّ تارة وتتوقف تارة أخرى وفي اليد مليمات قالت انها ستشتري بهم الخبز والحلوى. غيابات بالجملة الوضع الذي يعيشه الحي تكتنفه نقائص عدّة بدءا بغياب قنوات التطهير وصرف المياه مرورا بالتعبيد وصولا الى غياب الانارة العمومية وهي نقائص اجتمعت لتشكل المعاناة في التنقّل وقضاء الشؤون للجميع. مصير زاد من سوئه غياب المدرسة والمستوصف لينال التلميذ والمريض مشاق السفر وسط ظروف قاسية على مسافة 02 كلم زاده الصبر وحلمه ان يستفيق ذات صباح على واقع جديد يخلّصه من جميع صفوف المعاناة التي تعجز الكلمات حتى على تصورها أو تدقيق فصولها التي لا يدرك معناها وحجمها سوى من عايشها لسنوات توافد خلالها المسؤولون مرارا وتكرارا وكانت الوعود بالتهذيب والتعبيد وتدخلات أخرى فطالت الوعود ولا تدخّل يذكر. ميزانية خيالية والانجاز غائب متساكنو الحي ومصادر مسؤولة أكّدت ل «الشروق» أنه تم رصد مليار و49 مليونا لتهذيب الحي وتهيئته منذ سنة 2008 ولكن لم تقع الاشغال الى اليوم والسبب هو عدم توفر قطعة أرض تشيّد عليها محطة ضخ للمياه المستعملة ومياه الامطار وهي تعلة يعتبرها المتساكنون غير مبرّرة ونتائجها وضع كارثي قد يسبب أمراضا بحكم المياه الراكدة التي تلازم الحي منذ الشتاء والى نهاية الربيع. المتساكنون أكّدوا «للشروق» استعدادهم لاقتناء قطعة أرض تشيّد عليها المحطة لتزول المبرّرات والأعذار وأوضحوا أنهم يستغربون من تواصل لامبالاة المسؤولين وخاصة ديوان التطهير. الوضع على قتامته سبب الملل والضجر حيث اعتصم المتساكنون نهاية شهر نوفمبر في رسالة مضمونة الوصول مفادها نحن هنا نعيش المأساة فهل من مغيث؟!. الوضع الكارثي والانساني بحي السعايدية 3 يتطلب تسريع التدخلات لتلخيص الكبار والصغار من مياه تداهم البيوت شتاء وأمراض وأوبئة قد تطال الاجساد، تدخلات تعيد لهم الفرحة بالحياة والعيش الكريم الذي هو في الحقيقة مطلب أساسي لكل مواطن في وطن تتساوى فيه الفرص والحقوق المدنية.