مرّ الأسبوع الأوّل على تسلّم الحكومة الجديدة مهامّها، كيف تقبّل السياسيون تركيبة هذه الحكومة، وما هي رؤيتهم لبرنامج عملها وتقييمهم لخطابها خلال هذه الفترة؟ «الشروق» تفتح ملف الحكومة الجديدة التي يعتبرها البعض «حكومة النهضة» ويرى آخرون أنها حكومة كل التونسيين. رئيس الحكومة حمادي الجبالي أكّد أنّ حكومته هي أول حكومة شعبية شرعية منبثقة عن انتخابات حرة وديمقراطية عبّرت عن إرادة الشعب، نافيا ما يقوله البعض من أنّها «حكومة النهضة» أو حكومة محاصصة سياسية ومؤكّدا أنها حكومة الشعب ولا مكان فيها لروح هيمنة حركته عليها. وجهات نظر مختلفة ويعتبر البعض في المعارضة أنّ هذه الحكومة هي نتيجة تفاهمات سياسية بين الأطراف الفائزة في الانتخابات وأنّها لا تعكس تطلّعات التونسيين في هذه المرحلة التي تقتضي «حكومة كفاءات وطنية» لإدارة الملفات الصعبة، ولكن كثيرا من السياسيين متفقون على ضرورة توفير الظروف الملائمة لهذه الحكومة ومساعدتها للنجاح في مهمتها. في المقابل لا يخفي سياسيون آخرون عدم رضاهم على هذه الحكومة لا من حيث تركيبتها أو الطريقة التي تم تشكيلها بها ولا من حيث برنامجها أو خطابها ويعتبرون أنّهم سيكونون بالمرصاد لها يحصون زلاتها وأخطاءها، وإن كانت هذه المهمة مكفولة للمعارضة في أي بلد ديمقراطي فإنّها ينبغي ألّا تصل إلى حدّ عرقلة عمل الحكومة أو السعي إلى إفشالها لاعتبارات سياسية وإيديولوجية. ويقول مؤسس الحزب الديمقراطي التقدّمي أحمد نجيب الشابي «إن الحكومة الحالية نابعة عن الإرادة العامة للشعب التونسي وتستند إليها وبالتالي فهي حكومة التونسيين جميعا وكل التونسيين يعلّقون عليها آمالا كبيرة وانتظارات كبيرة اعتبارا لتراكم الحاجيات». ولكن الشابي يعتبر أنّ هذه الحكومة هي أيضا «حكومة حزبية قائمة على حركة أساسية هي حركة النهضة، وهي حكومة ائتلاف حزبي تقوده النهضة» مضيفا «نتمنى ألّا تغلب الروح الحزبية على توجهات الحكومة لأنّ هذا مضرّ بالبلاد، وقد رأينا بعض المؤشرات الخطيرة مثل التصويت على قانون المالية في أقل من 24 ساعة ورأينا كيف أنّ أغلبية داخل المجلس التأسيسي جرّدت المجلس من صلاحيته التشريعية»، معربا عن أمله في ألّا يتكرّر ذلك «حتى لا تنحرف الحكومة عن مسارها». ورأى الشابي أن حكومة الجبالي لها القدرة على إدارة الشأن العام في الوضع الحالي، إلا أن ذلك لا يجب أن يخفي المشكلات المتراكمة التي تقف أمام الحكومة الجديدة وقال إنها أمام تحديات وعليها أن تديرها بكل حنكة ودراية حتى لا تسقط في الاستسهال وتدير البلاد بالنوايا الحسنة. من الحزبية إلى الوطنية أمّا المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي فاعتبر أنّ توصيف هذه الحكومة «يتعلق بمرحلتين، الأولى مرحلة تشكيل الحكومة، وهنا نقول إنّ ذلك تمّ بين الأحزاب الثلاثة الفائزة بأغلبية المقاعد، وبما أنّ حركة النهضة تمسّكت بأن تكون بيدها رئاسة الحكومة والوزارات السيادية ومعظم الوزارات ومن هذا الجانب وعندما نقوم بعملية التوصيف نقول إنها حكومة ائتلافية بقيادة «النهضة». وأضاف الجورشي «ما نأمله أن تتجاوز هذه الحكومة انتماءاتها الحزبية وتصبح حكومة ممثلة لجميع التونسيين، وهذا ما سيترجم في البرنامج السياسي الذي ستتضح معالمه خلال المرحلة القادمة، وثانيا من خلال الفصل المنهجي الذي يجب أن يقوم به كل وزير في هذه الحكومة ينتمي إلى حزب، بين وظيفته داخل مؤسسة الدولة وبين انتمائه الحزبي.» ورأى الجورشي أنّ «الحكومة في حالة تحوّل سنراقبه خلال ال 90 يوما القادمة من أجل تحقيق الانتقال من حكومة حزبية إلى حكومة وطنية»، وردّا على سؤال حول تقييم خطاب الحكومة إلى حدّ الآن وما إذا كان يعكس غلبة الطابع الحزبي عليها أم لا قال الجورشي إنّ «الخطاب الرسمي الذي يعبّر عنه رئيس الحكومة كان في الغالب خطابا حكوميا ولم يكن خطابا حزبيا، فقد حاول الوزير الأول من خلال تدخلاته أن يخاطب كل التونسيين، لكن في بعض التصريحات التي أثارت جدلا فُهم منها أنّ الانتماء الحزبي لا يزال حاضرا وإن بنسبة منخفضة، وأتوقع شخصيا أن تزداد هذه النسبة انخفاضا خلال المرحلة القادمة إذا تم استيعاب عميق من قبل كل وزير لملفات وزارته».