لا حديث في مصر إلاّ عمّا سيحدث اليوم 25 جانفي في الذكرى الأولى لإندلاع الاحتجاجات في ميدان التحرير وسط القاهرة التي انتهت بسقوط نظام حسني مبارك . تحتفل اليوم الاربعاء مصر بالذكرى الأولى لثورتها التي أطاحت بنظام حسني مبارك بعد ثلاثين عاما من الحكم في وقت كانت كل المؤشّرات تؤكّد على أنّه ماض في اتّجاه توريث الحكم لنجله الأكبر جمال مبارك لولا شهداء مصر وأنحياز المجلس العسكري للجماهير الغاضبة المطالبة برحيل النظام ومحاكمة رموزه وإنصاف أسر الشهداء والجرحى وإقامة نظام ديمقراطي يعيد الاعتبار للإرادة الشعبية وهي الشعارات التي رفعتها الجماهير المصرية ومازال عدد كبير من الشبّان ومن النّاشطين السياسيين يرفعونها في الذكرى الأولى لثورة 25 يناير كما تسمّى في مصر. المجلس العسكري أقيمت أمس الجلسة الأولى لمجلس الشعب الذي أنتجته الانتخابات التي نظّمها المجلس العسكري في انتظار تنظيم أنتخابات الرئاسة في شهر جوان القادم وبذلك يكتمل المسار الانتقالي بتسليم السّلطة لرئيس مدني ينتخبه الشّعب المصري في انتخابات حرّة وديمقراطية وشفّافة وهو ما وعد به المجلس العسكري. مجلس الشّعب الجديد يسيطر عليه الاخوان المسلمون والحركات السلفية الذين يملكون معا حوالي 62 بالمائة من المقاعد وقد شهدت الجلسة الأولى يوم أمس تنظيم مظاهرة حاشدة للمثقفين والفنانين المصريين أمام مجلس الشعب الذي أحيط بأسلاك شائكة، قدّم الفنّانون المصريون وثيقة طالبوا فيها المجلس الالتزام بالدولة المدنية واحترام الحريات الخاصة ومنها حرية المعتقد والابداع والتعبير ورغم هذا الحضور الكبير للمثقفين أضاف بعض النواب في «قسم» المجلس كلمة «بما لا يتناقض مع الشريعة الإسلامية» وقد فجّرت هذه الإضافة غضبا عارما بين أوساط النخبة المصرية لأنّها اعتبرت بداية لتقويض الدولة المدنية ومحاولة للالتفاف على المطالب الحقيقية للشعب المصري من السلفيين والاخوان وأشارت أغلب الصحف المصرية الصّادرة مساء أمس الى خطورة هذه الإضافة على مستقبل مصر. استنفار أمني وخوف شعبي وسط هذا الجدل بين الذين يعتبرون أن الثورة لم تحقّق أهدافها بعد عام كامل من اندلاعها وهو الرأي الذي غذّته تصريحات محامي حسني مبارك الذي اعتبره «نسرا جريحا» وأكّد أنّه مازال الرئيس الشّرعي.. وبين الذين يعتبرون أن نظام مبارك انتهى بغير رجعة في انتظار اختيار رئيس مدني، يسيطر مناخ من الخوف مّما يمكن أن يحدث اليوم من انفلات أمني قد يؤثّر سلبا على استقرار مصر. وقد حذّر المجلس العسكري ووزير الدّاخلية كل الذين سيحاولون هزّ استقرار مصر مطالبين الشّعب المصري بالدفاع عن مؤسسات الدولة والمنشأت العمومية وعلى أن تكون الاحتفالات والاحتجاجات سلمية. وفي هذا السياق أعلن السلفيون والإخوان ومعظم القوى السياسية التقليدية بأنّهم سينظمون «لجانا شعبية» لحماية مؤسسات الدولة والتصدّي للمندسين الذين يستهدفون بثّ الفوضى. وذهب بعض ضبّاط الداخلية المصرية في تصريحات للصحف الى أنّ الأمن والجيش سينسحبان من ميدان التحرير حتّى يتجنّب الاصطدام مع الشبّان والمحتجّين. ورغم هذه المخاوف التي تسيطر على جزء من الشّارع المصري والتي تغذّيها شبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وال«فايس بوك» التي تروّج الإشاعات فإنّ المصريين مازالوا يغنون ويروون النكت والحكايات الطريفة كعادتهم ويواجهون مرارة الحياة اليومية بالكثير من الصبر والأمل ويغنّون «مصر يمّة يا بهيّة». لكن الأكيد أن السؤال الذي لا يخفيه عدد كبير من المصريين الى أين تمضي مصر بعد صعود السلفيين والاخوان المسلمين الى مقاعد البرلمان ؟