منذ يوم أوّل أمس الثلاثاء استقبل ميدان التحرير وسط القاهرة جموع المصريين الذين جاؤوا للاحتفال بالذكرى الاولى للثورة التي اطاحت بنظام حسني مبارك. لم يعرف ميدان التحرير عدد المصريين الذين تجمعوا فيه يوم أمس منذ سنة فمنذ الساعات الاولى من الصباح بدأت الجموع تتوافد على ميدان التحرير رافعين الاعلام المصرية وقد جاؤوا من كل مناطق مصر . وعلى عكس ماكان متوقّعا تمّ الاحتفال في ظروف امنية هادئة جدا رغم انسحاب قوات الجيش والامن المركزي من الميدان حتى لا تصطدم بجموع المتظاهرين الذين رفعوا شعارات ضد المجلس العسكري تطالب بمواصلة الثورة وتسليم السلطة للمدنيين وهو ماوعد به المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري في كلمته الى المصريين التي اكّد فيها على دور المؤسسة العسكرية في حماية مؤسسات الدولة وحماية مصر كما اكّد على ضرورة اجراء انتخابات رئاسية في شهر جوان القادم حتى يتمكّن المجلس العسكري من تسليم السلطة الى رئيس ينتخبه الشعب المصري . مصر تنتصر الانطباع العام الذي يسود الشارع المصري بعد احتفال اليوم هو نجاح المصريين في حماية مؤسسات الدولة والحفاظ على السّلم الاهلي فقد كانت الكثير من المؤشرات تنذر بحضور تجاوزات قد تهدّد استقرار مصر وقد كشفت أجهزة الامن المصرية حسب ما اوردته الصحف تهريب اسلحة الى مصر واحباط مخطّط لإستهداف استقرار مصر التي تمثّل الثقل الرئيسي في المنطقة العربية . لقد كان يوم 25 جانفي في القاهرة يوما غير مسبوق فقبل عام لم يكن احد يتوقّع ان الرئيس السابق حسني مبارك الذي كانت صوره وصور زوجته سوزان تملا الشوارع والساحات سينسحب تحت ضغط الشارع المصري وانحياز المؤسسة العسكرية الى الشعب . ورغم ما يوجّهه الكثير من المثقفين المصريين من نقد وخاصة من اليسار يين للمؤسسة العسكرية فإنّ المؤسسة العسكرية المصرية تملك الكثير من الشعبية في الشارع لانها نجحت في حماية الدولة وضمان الاستقرار والانتقال الديمقراطي . وقد اعلن صباح امس بمناسبة الذكرى الاولى للثورة المشير طنطاوي الغاء حالة الطوارئ المفروضة منذ اغتيال الرئيس الأسبق انور السادات في خريف 1981 . تونس حاضرة تونس كانت حاضرة في هذا الاحتفال من خلال الوفد التونسي المشارك في معرض القاهرة للكتاب وقد كان الوفد محل حفاوة كبيرة من المصريين الذين تدافعوا لالتقاط صور مع العلم التونسي وهي لحظة فارقة عاشها التونسيون الذين شعروا مرّة اخرى انّهم قادمون من بلد قدره دائما ان يصنع الاستثناء وان يكون رغم مساحته الصغيرة كبيرا في إعادة صياغة الفكر السياسي بدءا من قرطاج التي سنّت أول دستور مرورا بالقيروان وصولا الى الجامع الاعظم ومجلة الاحوال الشخصية فقد كان التحديث والتنوير قدرا تونسيا بامتياز.