وجّهت فرنسا خلال هذا الاسبوع ضربة موجعة لتركيا وذلك بعد أن تبنى مجلس شيوخها قانون تجريم إنكار الإبادة الأرمينية على يد الأتراك العثمانيين خلال الحرب العالمية الاولى. ولئن كان الحديث حول هذا القانون قديم في كواليس السياسة الفرنسية حيث كثيرا ما لوّح ساسة فرنسيون به إلا أن تبنّي مجلس الشيوخ الفرنسي له في هذا الوقت يطرح عدة أسئلة ومنها هل اختارت باريس عبر القانون المذكور إيقاف تركيا هذه القوة الصاعدة التي بدأت تزاحم فرنسا في مناطق هي تاريخيا شأن فرنسي محض؟ وهل أشعلت أمامها الأضواء الحمراء وهي التي بدأت تتشكل كقوة محورية وكدولة تتمطط قوتها وتتسع اقتصاديا وسياسيا وحتى ثقافيا؟ إن تركيا أصبحت ملهمة لعدة شعوب ومنها هذه الشعوب العربية التي شهدت بلدانها تحولات تاريخية عميقة والتي تطمح علنا الى تقليد التجربة التركية والى الاهتداء بها والى اعتماد نموذجها، خصوصا ان تركيا دغدغت فهيم أيضا ذلك الإرتباط الوجداني بالقضية الفلسطينية منذ تلك اللقطة الشهيرة التي شهدتها «دافوس» والتي رفض خلالها رجب طيب أردوغان مواصلة الحديث في وجود الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز. وهو ما قاد منذ تلك الحادثة الى تدهور في العلاقات الاسرائيلية التركية. ولربما احساسا منه بدور اسرائيلي ما في موقف مجلس الشيوخ الفرنسي، لم يتردد رئيس الوزراء التركي في تصعيد لهجته تجاه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عندما خاطبه بالقول إنه عليك أن لا تنسى ما فعله العثمانيين لصالح أجدادك اليهود، مذكّرا إياه بأصوله مانّا عليه بإحسان. لقد تلقت تركيا صفعة كبيرة خلال هذا الاسبوع وهي ستزداد هيجانا فيما لو وقّع رئيس فرنسا هذا القانون حيث يصبح إذّاك نافذا. وقد يفتح الباب بل بالتأكيد هو سيفتحها أمام بلدانا أخرى سوف تعترف بإبادة الأرمن. وفي هذا كلّه خسارة مادية ومعنوية كبيرة لتركيا.