ما شهده ملعب بورسعيد المصري عقب مباراة المصري والأهلي مجزرة تاريخية لم يشهدها أي ملعب آخر في تاريخ اللعبة حتى خلال التاريخ الأسود لهذه الرياضية. المجازر التي وقعت سابقا كانت بسبب غير بشري مثل انهيار المدرجات وان كان بشريا فهو بسبب الخوف والتدافع بحثا عن منفذ لمغادرة جحيم الملعب لكن ان تكون المجزرة نتيجة اعتداء جماهير أحد الفرق على جماهير الفريق المنافس مثلما حدث في ملعب بورسعيد وبذلك الشكل الدموي فذلك لم تشهده البشرية من قبل. المأساة لا توصف اذ توفي بعض المشجعين طعنا بالسكاكين ودهسا تحت الاقدام أو بعد الضرب بآلة حادة على الرأس وكذلك رميا من فوق المدرجات. أي عمل اجراي هذا؟ وأي بشر هؤلاء؟ وهل يعقل ان يفعل المواطن المصري بأخيه المصري كل هذا؟ وهل يعقل ان يصل «الحقد الكروي» الى هذا المدى؟ السبب الواضح أو على الأقل الوحيد المعلن تعلق باللافتة الى رفعها جمهور الأهلي والتي كتب عليها «بلد البالة ما جبتش رجالة» واذا كانت هذه اللافتة غير لائقة بل تصل درجة «الحقارة» (ما كانت لترفع في الملعب لولا حالة الفوضى والانفلات وغياب الأمن وضياع هيبة الدولة التي تعيشها مصر والتي يبدو أنها مقصودة ومدبرة) فإنها لا تبرر ما حدث. كيف نحمي أنفسنا؟ المأساة التي عرفها ملعب بورسعيد أدمت قلوبنا وذبحتنا من الوريد الى الوريد وأحاطتنا بغاية من الأسئلة: هل نحن بمنأى هذه المآسي؟ الا نخشى أن نعيش نحن في تونس مجازر مشابهة ومآسي بهذا الطعم؟ نقول هذا الكلام لأننا نعيش مع مصر نفس الظروف ونفس المرحلة ونفس الانفلات ونفس الاختراقات ونفس المؤشرات. في مصر كانت المؤشرات كثيرة (أهمها لقاء الزمالك والافريقي) وكل شيء كان يوحي بهذا الانفجار الدموي ولكن لا أحد حاول أن يتصدى أو يستبق وفي تونس مازلنا نعيش المؤشرات الأولى ومازلنا في مرحلة الاحتضان وما حدث بين الافريقي والترجي في كرة اليد لم يكن مجرد مؤشر بل كان بمثابة الضوء الأحمر. في تونس عشنا أكثر من حادثة ولكن لا أحد أعطى المسألة حق قدرها وكأنها لا تعنينا أو كأنها تقع في بلد آخر لا تربطنا به الجغرافيا والتاريخ. في تونس نعيش الآن رحلة الاحتضان بل ان هناك مؤشرات أكثر قتامة مثل التقاتل الذي قد يندلع بين جماهير النادي الواحد مثلما حدث عديد المرات بين جماهير الترجي. أي تدابير؟ شخصيا أشك أن الجامعة التونسية لكرة القدم واعية بخطورة ما حدث في مصر بل أشك ان يكون الرئيس الحالي للجامعة قد علم بما حدث بما أن همه الوحيد السفر وأسعد لحظات حياته عندما يكون متجها الى المطار مغادرا لتونس وأتعسها على الأخلاق عندما تحط به الطائرة قادما اليها. الجامعية الحالية لا يمكن لها أن تتوقع ولا يمكن لها ان تستبق الاحداث وأن تتفطن أن تونس ومصر يعيشان نفس الظرف وأن الانفلات قد يسمح وسيسمح لبعض الجماهير بادخال لافتات غير لائقة بل هناك من سيتعمد ادخالها لأنه يبحث بكل الطرف ان تعيش تونس على حافة الهاوية مثلما تؤكد المصادر في مصر ان من يقف وراء العملية ليس اللافتة وليس أحباء الفريقين. وأن هناك أطرافا أخرى ونفس هذه الأطراف موجودة في تونس ويعيشون بيننا ونعرفهم ويعرفون فأي تدابير ستتخذها الجامعة؟ ومتى تتحرك؟ أمر دبر بليلما هو شبه مؤكد أن ما حدث في مصر أمر دبر بليل رد يؤكد المحللون أن المجلس العسكري هو الذي دبر هذا الأمر وهو الذي من مصلحته ان تستمر الفوضى الى درجة أن المواطن المصري لن يفكر بعد هذه الحادثة الا في سلامة بدنه وما هو مؤكد أن هناك عديد الأمور التي تدبر بليل تونس فمتى نقطع عليهم الطريق.