نجحت فرقة الشرطة العدلية بسيدي البشير مؤخرا في إلقاء القبض على شاب في مقتبل العمر تمكّن من سرقة ستّة سيارات في مدة لا تتعدى اليومين اعتمادا على أسلوب «راق» في التمثيل وقدر عال من الخبرة. وكانت عدّة مراكز أمن تابعة لجهات مختلفة (بن عروس، المروج الأول، باردو) تلقت شكاوى متطابقة من حيث موضوعها ومختلفة من حيث توقيت وقوعها، فأحيل الملف الى الشرطة العدلية لتتولى البحث والتحري في المسألة، وقد استخلص المحققون من خلال مختلف الشكاوى عدّة معطيات ساعدتهم على توخي خطة محكمة للامساك بالفاعل متلبسا. 6 عروض لمسرحية واحدة اتبع المشبوه فيه منهجا لم يحد عنه، فهو يجوب الانهج والشوارع باحثا عن نوع محدد من سيارات «الفورد» التي يتقن فتحها بسرعة وغالبا ما يعثر على ضالته راسية على حافة الطريق فيمتطيها ويتظاهر بمحاولة تشغيلها لابعاد الشبهة عنه ثم يواصل المسرحية فيتوجه نحو المحرك بتعلة اصلاح عطب لكنه يعمد في حقيقة الامر الى تشغيل السيارة من خلال ربط الخيوط الكهربائية وحين ينجح في مسعاه ينطلق بالسيارة. ويقضي المشبوه فيه، في غالب الأحيان، ساعتين او أكثر مستعملا غنيمته في مختلف تنقلاته، وتعلن الرحلة عن نهايتها مع نفاذ البنزين فيتوقف ويقوم بافراغ السيارة من محتوياتها (راديوكاسات، هاتف جوال، قارورة عطر...) ثم يتركها ليتابع نشاطه متوخيا نسقا سريعا ومنتظما في قيادة السيارات، غير أنه أخطأ بالتركيز على دائرة ضيقة من مدينة تونس الكبرى نظرا لمعرفته الجيدة بالمنطقة في مقام أول، ولارتباط المدة التي يقضيها في السيارة المسروقة بكمية البنزين المتوفرة في خزّانها، فوقع في فخ وضعه لنفسه، واستغله المحققون لتحديد دائرة نشاطه ومن ثمة اعتمدوا على آخر بلاغ يهم سرقة سيارة تتوفر فيها الصفات المحببة للمشبوه فيه وسارعوا الى تكثيف المراقبة حتى تمكنوا من العثور عليه داخل سيارة أخرى من ذات الصنف وهو يتهيأ للانطلاق بها في أحد الاحياء الشعبية بجهة الوردية فألقوا القبض عليه متلبسا. خبرة من صنف واحد أظهرت الابحاث ان المشبوه فيه شاب ناهز عمره العشرين سنة، وهو عاطل عن العمل وقد اعترف بما نسب اليه ودلّ على الاماكن التي ترك بها السيارات وهي تتوزع على مناطق الوردية وبنعروس وباب سعدون... وبسؤاله عن سبب اختياره لصنف معيّن من سيارات «الفورد» أجاب بأنه اختص فيها لانه اكتسب خبرة في فتحها وتشغيلها وقيادتها كما اعترف أنه قد فوّت بالبيع في بعض ما عثر عليه داخل السيارات وتم حجز ما تبقى لديه من غنائم وإعادتها الى أصحابها. وقد وقع الاحتفاظ بالمشبوه فيه في انتظار احالته على القضاء لمحاكمته من أجل أفعاله.