بداية يجدر التذكير ان حيوان الخنزير الوحشي يتمتع بالحماية ضد أي أنواع الصيد داخل محمية اشكل، وقد كان متوازن العدد دون شطط بين التزايد والتناقص كمعادلة بيئية مطلوبة، لكن الاختلال في المدة الاخيرة صار جليا بصفة خطيرة فعلا على الأهالي من المتساكنين او الزائرين. من هذا المنطلق، نقول ليس من باب التهويل ولا المبالغة في شيء حين نصف الوضع الحالي بسبب كثرة هذا الخنزير بالكارثي، حيث أضحى يرعى في مجموعات كبيرة بكل مكان وبين المساكن او وسط الحدائق وعلى حافة الطريق. والأدهى أنه صار يلوح في النهار، لكنه ينطلق ليلا بصفة مباغتة حالما يلمح اضواء كاشفة لأي وسيلة نقل، سيجد راكبها من حيث لا يدري ولا يعلم أمام مفاجأة في حجم خنزير... ويا لهول مخلفاتها على ضحية هذا الاصطدام المريع. كما لا يمكن الغاء هذا الخطر القائم على المترجلين والاطفال والتلاميذ ما ظلت هذه الجحافل تمرح بصفة غير مسبوقة، تعبث في الأراضي وتعبث بالزرع وبالحواجز التي لا تمنعها مطلقا من الولوج بكل يسر ولو الى ساحات المساكن الريفية ولا أدل من احالة العديد من المتساكنين على المستشفيات وآخرهم لا يزال يعالج بالمستشفى الجهوي منزل بورقيبة، بالاضافة الى صاحب سيارة تاكسي كان لحسن حظه بداخلها فيما ظلت الخنازير تهاجم الهيكل الحديدي بفناطيسها (خراطيم الخنزير القصيرة) فلاحت وكأنها تعرضت لحادث طريق وليست لهجمة خنزير. من أسباب التكاثر من اشكال هذا التكاثر المفرط بما يشكله من الخطورة، نشير ان الخنازير الوحشية تعيش من 15 الى 25 سنة وهي تحبذ الحياة الانفرادية بالنسبة للذكور لكنها يمكن ان تجتمع مع بعضها لتكون قطيعا من قرابة 50 خنزيرا أو أكثر مثلما ينطبق على هذه الحالة بإشكل، اضافة وانها تشابه الانسان في قدرتها على التزاوج في أي وقت من أوقات السنة فضلا عن النضج الجنسي لديها والمقدرة التكاثرية التي تعتمد الى حد كبير على التغذية والبيئة الملائمة، وفي الظروف المثالية حسب مراجع علماء الاحياء تستطيع الاناث البدء في التكاثر من عمر 6 أشهر وتلد حتى 4 مرات في السنة، وكل ولادة تعطي من 4 الى 12 خنوص (صغير الخنزير)... كما انها والى جانب نزعتها التخريبية الشديدة للحقول المزروعة والمراعي والاسيجة، وايضا تأثيرها السلبي جدا بسبب سلوكها السيئ في التمرغ ببرك المياه مما ينتج عنه قلب وتكسير النباتات واقتلاع الجذور والبذور، والتخريب الذي تسببه ضد البيئات الاصلية الحساسة وخاصة النباتات الاصلية والانواع النادرة المهددة او المعرضة للخطر... فهي كذلك تستطيع نشر الامراض والطفيليات بين المواشي والحيوانات الاهلية... وللانسان ايضا. الذئب... الصيد البيئي... وكثرة الخنزير... ومن ناحية أخرى، يبدو أن أعداد الذئاب تقلصت كثيرا لأسباب عديدة ليبلغ حيوان الخنزير هذا الكم المفزع فهو مختص بامتياز في افتراس ذلك العدد المهول الذي تنجبه الانثى اذ لا ينجو في الغالب غير واحد أو اثنين ممن تحميه بين حوافرها تحت رأسها المستدق وجسمها القوي... مثلما من الضروري، التذكير ان خطر الصيد بالمحميات ليس امرا واقعا، لا يمكن تجاوزه اوخرقه من أجل «راحة وسلامة الخنزير». بل ان ذلك يتخذ قانونا السماح به في حالات مختلفة واهمها لدى التكاثر مثلما عليه الحال في اشكل ليتم بمقتضى تشخيص او تحديد المشكل تنظيم وتطبيق برنامج ما يطلق عليه بالصيد البيئي للتقليص منه، وهو يتخذ في مقام أول الالتجاء الى مختصين ومجهزين لكي تكون الفريسة عادة منتقاة تراعي في الاولوية قتل الهرمة في السن، والذكر في الجنس وتنأى عن ذات المواليد منها، ومثل هذا الاجراء المتبع كفيل بدرء هذا الخطر ولو نسبيا رغم ان المسألة التي عنها نتحدث، هي من الاستعجال ما قد لا يحتمل الترتيب وبيروقراطية التفكير والتقدير والتنظير والتقرير... وفي مطلق الأحوال ليس الخنزير أرقى أو أندر من طائر «الحبارة» في تونس الذي يقارب مرحلة الانقراض جراء «الصيد الملكي».