منذ عدة أشهر لم تستقبل «مناشر» الحلفاء بالجهة أية كمية من هذا النبات الذي لا تدار آلات معمل الحلفاء إلا به, حيث هجر السكان المعنيون بمورد الرزق هذا إلى وجهات أخرى اقل عناء وأكثر ربحا, وأصبح معمل الحلفاء, مهددا بالتوقف عن العمل. والمعنيون بتقليع الحلفاء هم خاصة سكان الأرياف الذين لم يجدوا موارد رزق أخرى بعد التهميش الذي سلط عليهم لعقود كاملة, وتمتاز هذه المهنة بالمشقة القاهرة التي لا يتحملها إلا ذوو الأجساد القوية. وقد عزف أغلب الذين يمتهنون هذا العمل إلى وجهات أخرى أقل عناء وأكثر ربحا, مثل العمل بالحضائر أو بيع الحلفاء إلى كبار الفلاحين. والعمل بالحضائر كان الوجهة الأمثل لهم, حيث أنهم يحصلون على راتب لا يقل عن 280 دينارا شهريا ودون أن يعملوا أصلا, بدل الشقاء طول اليوم مقابل بعض الملاليم واشتراك كل العائلة في تقليع الحلفاء. وأما الذين لم ينالوا نصيبهم من الحضائر, مثل بعض سكان حاسي الفريد فقد اختاروا تقليع الحلفاء وبيعها لبعض الفلاحين الكبار لاستعمالها كأعلاف للأبقار, وبعد أن كانوا يبيعون 100 كيلوغرام من الحلفاء ب 10 دنانير فقط لمناشر معمل الحلفاء فقد أصبحوا يبيعونه بأثمان مضاعفة. وقد نتج عن هذا السلوك الجديد فراغ مناشر الحلفاء التي تمثل المزود الوحيد للمعمل, وهو ما سيؤثر سلبا على عمله.