في الطريق بين مدينتي حاسي الفريد وتلابت وعلى بعد 16 كلم من هذه الاخيرة توجد منطقة "الزاطلي" التي كانت الى حد السنوات الاخيرة تقطنها حوالي 100 عائلة تتركب من قرابة 500 فرد نشاطها الاساسي تربية الماشية وفلاحة تقليدية بعلية مرتبطة بنزول الامطار لكن في غياب مقومات العيش الاساسية وخاصة الكهرباء والماء الصالح للشراب اضطر نصف سكانها للنزوح نحو المدن القريبة وخاصة تلابت وفريانة والقصرين بحثا عن افق افضل. ومن خلال زيارة قمنا بها مؤخرا لهذه المنطقة ومحاورتنا للبعض من سكانها اكتشفنا مدى المعاناة التي يعيشونها حيث ذكر لنا احدهم وهو محمد القسومي:" نحن الى الان نشرب من المواجل ومياه الغدران الملوثة المليئة بالضفادع واليرقات والمحظوظ منا من يجد ثمن صهريج " سيتيرنة " ياتي به من منطقة "الكامور" او مدينة تلابت سرعان ما تنفد في ظرف قصير ومواشينا فرطنا في اغلبها خوفا من وفاتها لعدم قدرتنا على توفير العلف لها وهذا الوضع ظننا انه سيتغير بعد الثورة ويتم تزويد منطقتنا بالماء الصالح للشراب او حفر بئر عميقة لاستغلال مياهها في الشرب وخدمة الارض الا نه مرت الان 10 اشهر ولم نشاهد شيئا". اما العبيدي القسومي فذكر لنا:" قطعان الماشية بالمنطقة تراجع عددها بصفة محيرة نتيجة العجز على ضمان علفها فالمراعي لم تعد موجودة لان الامطار لم تنزل منذ اشهر وفي ظل الفقر المدقع الذي تعيشه اغلب العائلات فان نشاط اغلبها اصبح يقتصر على تقليع الحلفاء وهو عمل مضن يمتد لساعات طويلة ولا يوفر غير مداخيل محدودة للقادرين عليه من النساء والرجال فضلا عن انه شغل موسمي ونحن ننتظر بفارغ الصبر تحسين وضعية المنطقة وايصال الماء والكهرباء الينا حتى نتذوق طعم الحياة فالفقر والخصاصة والعطش والظلام كثير علينا". كما التقينا باحد ابناء المنطقة من الذين يشتغلون بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالقصرين فقال لنا:«الزاطلي ورغم انها تقع على الطريق الرابطة بين تلابت والكامور وهي طريق معبدة بالتالي يسهل الوصول اليها الا ان مشكلتها الاساسية عدم توفر الماء والكهرباء وجميع سكانها سواء الذين تمسكوا بالبقاء فيها او الذين اضطروا للنزوح عنها مطلبهم الاساسي الماء والنور الكهربائي فهم الى الآن يقضون لياليهم في ظلام حالك لا تضيئه غير الشموع والمصابيح النفطية البدائية المعروفة ب «القازة» التي على ضوئها الخافت يراجع التلاميذ دروسهم ويشربون مياها يشتركون فيها مع حيواناتهم القليلة واراضيهم تحولت الى بور واغلب زياتينهم اصبحت مهددة بالموت عطشا رغم ان المنطقة تتوفر فيها مائدة مائية ثرية حيث اجرى بعض ابنائها مؤخرا دراسات سبر كهربائي في اراضيهم على ايدي خبراء اكدت وجود الماء على عمق يتراوح بين 50 و 100 متر وهو معطى هام من شانه ان يفتح افاقا كبيرة لسكانها لو تقوم وزارة الفلاحة بحفريات لتزويد المنطقة بمياه الشرب والري".