اشتركت العشرات من الصفحات التونسية على الموقع الاجتماعي يوم أمس في الإعلام عن قوافل المساعدات باتجاه مدن الشمال الغربي وخصوصا ولاية جندوبة التي ما يزال سكانها يطلقون استغاثات النجدة ويقاومون العزلة بوسائل بدائية. وأطلق ناشطون يحظون بمصداقية واحترام كبيرين في الموقع يوم أمس نداءات لتنسيق جهود المساعدة بالنظر إلى ما ظهر جليا من غياب التنظيم، ونقص الخبرة والتنسيق بين الجمعيات، بالإضافة إلى غياب قاعدة بيانات حول احتياجات السكان وترتيب المناطق حسب درجة التضرر والحاجة للمساعدة. وجاء في بيان تم تداوله في العديد من الصفحات: «نظرا لتكاثر القوافل الرحيمة لإعانة ورفع المعاناة عن المتضررين من موجة البرد والثلوج بالولاية (جندوبة) ونظرا لنقص أعوان الأمن والجيش الوطني لمرافقة هذه القوافل فقد تمّ وضع رقم هاتف أخضر للتنسيق مع الولاية لخروج القوافل في مجموعات منظمة مع بعضهم البعض، كذلك تم وضع رقم أخضر على ذمة الجمعيات لتنسيق عمليات المساعدة وهو: 80101510». وبصفة عامة، كان تحرك الصفحات التونسية على الموقع الاجتماعي لتنسيق المساعدات قويا وكشف عن المعدن الجميل للتونسيين عموما واستعدادهم للتضامن مع إخوتهم بعد أن عرت الثلوج حقيقة الوضع البائس في الشمال الغربي مقارنة ببقية جهات البلاد. كما نشرت عدة منظمات وطنية في صفحاتها أخبارا وصورا عن قوافل المساعدة التي وجهتها إلى غرب البلاد، وأشهرها على الموقع اتحاد الشغل الذي يحظى بناشطين لا يغيبون عن الموقع الاجتماعي، كما حظيت قافلة المساعدة التي نظمها أعوان الشرطة (البوب: فرق التدخل) بتغطية جيدة وطريفة، وكتب ناشط حقوقي من الكاف: «قوافل كثيرة من سيارات أعوان البوب يتجهون إلى الشمال الغربي، لكن ليس للضرب بالغاز أو الماتراك أو قمع الناس، بل للتضامن معهم في محنة البرد والفقر، هكذا نريد الأمن الجمهوري». ثمة أيضا أخبار كثيرة عن عشرات الجمعيات التي تتحرك منذ بداية الأسبوع لجمع التبرعات في عدة أماكن من تونس الكبرى وغيرها، بالإضافة إلى الاتحادات الجهوية للشغل والنقابات العامة التي تتصرف على ما يبدو بحرية فيما يتعلق بهذه المسائل. غير أن العالم ليس «جميلا تماما» بين التونسيين في تضامنهم مع أهالينا في غرب البلاد، فقد شن نشطاء من اليسار والمعارضة حملة ضارية على إمارة قطر بعد أن نشر ناشطون نهضويون أخبارا بالصور جاء فيها أن «قطر ترسل 3 طائرات محملة بالمساعدات إلى تونس»، وكتب ناشط يساري شاب ساخرا: «كنت أفضل أن يرسلوا لنا صخر الماطري، وأن يحولوا أموال الشعب المنهوبة من بنوكهم الإسلامية إلى خزينة الدولة التونسية!! و ليعلموا أن ثورتنا .. ثورة كرامة وليست ثورة فقر». كما ينشر نشطاء المعارضة معلومات ومقاطع فيديو عما يقولون إنهم تونسيين يحملون العلم الجزائري ويتوجهون نحو الحدود غضبا من بطء وصول المساعدات، وذلك نكاية في الحكومة. ويرد نشطاء النهضة بقوة وعنف أحيانا، وينشرون صورا للجهود الاستثنائية التي يبذلها رجال الجيش والحماية المدنية وقوات الأمن الداخلي وأعوان الستاغ الذين يناضلون في ظروف قاسية لإعادة نسق الحياة في تلال جندوبةوالكاف. يتهم نشطاء النهضة الإعلام التقليدي وخصوصا القناة الوطنية بأنها تغفل عمدا مثل هذه الجهود للمشاركة في التنكيد على الحكومة وإظهارها بمظهر الفاشلة في الحكم. هكذا هي عادة التونسيين كلما دخلت السياسة بينهم.