ارتفع عدد المشتركين التونسيين بالموقع الاجتماعي «فايس بوك» منذ 14 جانفي 2011 بنسبة 25% ليصل عددهم الى 2.750 مليون مشترك لكن هذا التهافت على الالتحاق بشبكة التواصل الاجتماعي الأولى في العالم لا يمكن ان يحجب الغموض الكبير الذي يلفها. لازال الجدل قائما حول موقع ال««فايس بوك»» بل ان هناك من يعتقد ان هذا المنجز الالكتروني العظيم لا يمكن أن يكون من انتاج طالب بمفرده ولربما سعت جهات بعينها الى احداثه بغية تحقيق منفعة ما والشكوك هنا موجهة الى وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) التي قد تكون استعانت بمارك زوخربارخ الطالب الذي ينسب اليه انشاء موقع ال««فايس بوك»» للتجسس على البشرية من خلال جمع ودراسة المعلومات والبيانات التي ينشدونها بأنفسهم على أول شبكة تواصل اجتماعي افتراضية ومهما يكن فإن «فايس بوك» أحدث نقلة نوعية في العادات الاتصالية لمليار من البشر وهم عدد المشتركين من كافة بلدان العالم على موقع ال«فايس بوك». الفكرة انطلقت من جامعة هارفارد بالولايات المتحدةالأمريكية وقد قام الطالب مارك زوخربارخ صحبة زميلين له وهما داستين موسكو فيتز وكريس هيوز بتأسيس شبكة اجتماعية أطلقوا عليها اسم ال«فايس بوك» يمكن الدخول اليها مجانا لكن العضوية كانت مقتصرة فقط على طلبة جامعة هارفارد وفي سنة 2005 أي سنة بعد تأسيس الشبكة أصبح بامكان طلبة الجامعات الأمريكية والأوروبية الاشتراك بها قبل ان يعمم استعمالها ليصبح أي شخص في العالم يبلغ من العمر 13 سنة ويملك عنوانا الكترونيا بامكانه الاشتراك بالموقع وتكوين حساب خاص به واستدعاء أصدقاء جدد والتواصل معهم من خلال ما ينشره من نصوص وصور وفيديوهات ووثائق. هذا الاستعمال المبسط لل«فايس بوك» لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يخفي التأثير الواسع له على حياة الناس ودوره في تغيير مجرى التاريخ لدى العديد من الشعوب ومنها الشعب التونسي الذي حول هذه الشبكة الاجتماعية الى وسيلة نضالية وأداة للاطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. شعب ال«فايس بوك» في تونس حسب موقع checkfacebook وهو موقع أحدثته شركة «فايس بوك» لقيس نسبة الاشتراك والبحث لكل دولة فقد بلغ عدد التونسيين المشتركين بال«فايس بوك» 2.750 مليون مشترك لتتقدم تونس على كافة الدول العربية بل وحتى سويسرا وفنلندة والنرويج أما على مستوى البحث في الشبكة فتحتل تونس المرتبة الثالثة عالميا وقد ارتفع عدد مشتركي ال«فايس بوك» بعد 14 جانفي 2011 في تونس بنسبة 25% وهو رقم له دلالاته السياسية لما كان لل«فايس بوك» من دور في الدعاية للثورة التونسية بل وحتى في اسقاط النظام السابق اذ أن التونسيين كانوا يتلقون الاخبار حول ما يحدث أيامها في المدن الداخلية من خلال ما كان ينشر على صفحات ال«فايس بوك» في ظل التعتيم الاعلامي المضروب على ثورتهم. وتقول نفس الاحصائيات ان 82% من مستعملي ال«فايس بوك»» في تونس تتراوح أعمارهم ما بين ال14 و50 سنة مع ما يعنيه ذلك من رغبة هذه الفئة العمرية وحاجتها للتعبير عن مطالبها وحاجياتها. الفضاء العمومي والفضاء الافتراضي يذهب علماء الاجتماع في تونس الى القول بأن القمع المسلط على الفرد ابان نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي ساهم في عزلة التونسيين الذين صاروا يفتقدون الى فضاء عمومي يلتقون فيه ويعبرون من خلاله عن حاجياتهم ومطالبهم ولقد كان للتدمير المتعمد من طرف الدولة للبنية التحتية الثقافية من دور ثقافة ونوادي سينما دورا كبيرا في اقبال التونسيين على الفضاء الافتراضي الذي وفرته شبكة ال«فايس بوك». وعلى قلة امكانياتهم وعدم قدرتهم على توفير أجهزة حاسوب وامعان الدولة في مراقبة الانترنات فقد سعى 40% من التونسيين الى امتلاك عناوين إلكترونية ما بين سنتي 2007 و2009 اما عن طريق الحواسيب المتوفرة في أماكن عملهم أو من خلال محلات الانترنات اذ أن امتلاك عنوان إلكتروني كان كافيا لوضع قدم داخل المجتمع الافتراضي الكوني ويقول علماء الاجتماع والاتصال أن امتلاك التونسيين لعنوان إلكتروني سهل عليهم الاندماج بسرعة في شبكة التواصل الاجتماعي «فايس بوك» وهو ما يفسر احتلالهم للمرتبة 46 عالميا من بين الدول المتعاملة مع موقع ال«فايس بوك». ويتوزع التونسيون المشتركين بشبكة «فايس بوك» ما بين 30% من جنس الاناث و70% من جنس الذكور ويقضي 63% منهم أكثر من 4 ساعات يوميا على الشبكة وتعد الفترة الممتدة ما بين العاشرة صباحا ومنتصف النهار وما بين التاسعة ليلا ومنتصف الليل أكثر الفترات تدفقا للتونسيين على موقع ال«فايس بوك». «العدو الخفي» تتوافق كل الدراسات الاجتماعية الصادرة في تونس أن الثورة المعلوماتية التي أحدثها موقع ال«فايس بوك» جعلت من التونسيين بمثابة كائنات افتراضية «محكومة من قبل قوة غير مركزية أقرب ما تكون الى الهلامية تؤثر في الواقع ولا تتأثر به وان كان موقع ال«فايس بوك» قد خلق للتونسيين وخاصة الشباب منهم متنفسا للتعبير من خلاله عن مشكلات الفراغ والتغييب والخضوع والتهميش فإن ذلك لا يمنع من القول بأن ذات التونسيين قد أصبحوا محكومين بقوة خفية لها قدرة عجيبة على تطويع ارادتهم وفق ما تقتضيه مصلحة تلك القوة والسؤال المطروح من يقف خلف تلك القوة وكيف يمكن انقاذ التونسيين من براثن هذه القوة. اذ يعتقد علماء الاجتماع في تونس ان جملة الاغراءات التي توفرها صفحات ال«فايس بوك» تشكل خطرا كبيرا خاصة على الشباب وبامكانها الايقاع به في فخ الادمان الذي سيؤدي به الى العزلة عن المجتمع وحينها يصبح الوقت بلا معنى ومن ثمة السقوط في مثلث الاحباط والعجز وفقدان الأمل وما يعنيه ذلك من اهدار لطاقة الشباب. شكوك حول ال«فايس بوك» بعد أكثر من سنة على سقوط أنظمة عربية عديدة بدأت أسئلة كثيرة تقفز الى الأذهان حول المشاركة الفاعلة لشبكة ال«فايس بوك» في ما يسمى بالربيع العربي فقد نشرت صحيفة: «Le Magazine d›israel» في عددها لشهر ديسمبر الماضي معلومات عن أحدث طرق الجوسسة تقوم بها كل من المخابرات الاسرائيلية والأمريكية عن طريق أشخاص عاديين لا يعرفون أنهم يقومون بمثل هذه المهمة الخطيرة على صفحات ال«فايس بوك» من خلال نشرهم لمعلومات وصور ومقاطع فيديو لما يحدث في قراهم وبلداتهم ومدنهم بل حتى في مدارسهم وجامعاتهم ومواقع عملهم وداخل عائلاتهم فهؤلاء يعتقدون انهم يقتلون الوقت أمام صفحات شبكة التواصل الاجتماعي «فايس بوك» واللغو في أمور قد تبدو غير مهمة وأحيانا تافهة ولا قيمة لها وفي الواقع فإنهم يقدمون خدمات هامة ومعلومات على غاية من الخطورة لأجهزة الاستخبارات التي تسعى الى انتداب أكثرهم اهتماما بالشأن السياسي والاجتماعي ومن ثمة تدريبهم على أحدث وسائل الدعاية الاتصالية وتجنيدهم لتعبئة شعوبهم ضد الأنظمة التي تريد القوى العظمى التخلص منها على غرار ما حدث في تونس ومصر. والخطير في الأمر أن الشباب العربي عموما والتونسي خصوصا يجد نفسه مضطرا ودون أن يشعر الى الادلاء بتفاصيل مهمة عن حياته وحياة أسرته ومعلومات عن عمله وأصدقائه ونشر صور خاصة به وهي معلومات يومية متاحة على شبكة ال«فايس بوك» تشكل قدرا لا بأس به لأي جهة ترغب في معرفة أدق التفاصيل عما يحدث في بلد ما حسب ما ورد في ذات الصحيفة. وبدأت هذه الفكرة تتبلور أكثر لما شرعت ادارة ال«فايس بوك» في طرح المعلومات المتعلقة بأعضائها وبالمشتركين بالشبكة علنا على محركات البحث على الانترنات مثل: «غوغل» و«ياهو» بهدف بناء دليل إلكتر وني عالمي يحتوي على أكبر قدر ممكن من المعلومات والتفاصيل الشخصية مثل السير الذاتية وأرقام الهواتف والصور الشخصية وها ما يشكل خطرا على سرية المعلومات الشخصية المكفولة بالقوانين والأعراف الدولية.