أزمة بين القنوات التلفزية بسبب الحوار الأخير لرئيس الدولة المؤقت لقنوات دون أخرى وأزمة خفية بين القنوات التلفزية بسبب الاشهار وأزمة أخرى بين الهيئة الوطنية لإصلاح الاعلام والاتصال وبعض المستثمرين الذين لم يحصلوا على تراخيص البث من تونس. وأزمة في الاذاعات الخاصة الجديدة بسبب عدم جاهزية محطات البث.. مشاكل كثيرة نتناولها في هذا الملفخلال شهر جانفي من العام المنقضي أعلنت الهيئة الوطنية لإصلاح الاعلام والاتصال عن الترخيص ل12 اذاعة خاصة بالبث في مناطق مختلفة من البلاد. كما أعلنت عن الترخيص ل5 قنوات تلفزية خاصة بالبث من تونس. ماذا تحقق من كل هذه القنوات الاذاعية والتلفزية؟ لماذا تأخر موعد البث؟ عدد قليل جدا فقط من هذه القنوات بدأت البث ولو بشكل تجريبي في حين ظلت البقية وهي الأغلبية معلقة الى حين رغم تقيدها بشروط زمنية من التراخيص الحاصلة عليها من الدولة. ويعود تأخر انطلاق بث هذه القنوات الى أسباب عديدة مختلفة ومتنوعة. ويذكر الاعلامي مختار التليلي مثلا الذي حصل على ترخيص اذاعة خاصة في القصرين (الشعانبي آف. آم) أن تأخر موعد انطلاق بث اذاعته يعود لأسباب تقنية. يوضح انه لم يمض عقد البث مع الديوان الوطني للارسال الاذاعي والتلفزي الا حديثا. ويكشف الاعلامي هشام السنوسي عضو الهيئة الوطنية لاصلاح الاعلام والاتصال ان تأخر انطلاق بث بعض الاذاعات يعود بنقص محطات البث في الجهات وعدم جاهزية الديوان الوطني للارسال الاذاعي والتلفزي لاستقبال هذا الكم الهائل من الاذاعات. ويشتكي أغلب الحاصلين على تراخيص اذاعات خاصة ولم يشرعوا بعد في تركيز استوديوهات بث اضافة الى عدم امضائهم عقود بث مع الديوان الوطني للارسال الاذاعي والتلفزي من نقص في الاعتمادات المالية لتشغيل مؤسساتهم. كما يشتكون من عدم تحمس المؤسسات البنكية لتمويل مشاريعهم بتعلة افتقار ملفات هذ المشاريع لدراسات جدية وعلمية. أما بخصوص القنوات التلفزية التي حصل أصحابها على تراخيص ولم يبدؤوا بعد في البث فيكشف أحد المختصين في المجال السمعي البصري ان جل الذين قدموا ملفات للهيئة الوطنية لاصلاح الاعلام والاتصال بهدف الحصول على رخصة قناة تلفزية وعددهم 33 ليست لهم دراية كافية ومعارف دقيقة عن كيفية بعث قناة تلفزية وخصوصا من حيث قيمة الاعتمادات المالية المخصصة لمثل هذه المشاريع. ويرى ان تأخر موعد انطلاق البث، سواء كان تجريبيا أو رسميا بالنسبة للقوات التي حصل أصحابها على تراخيص بث يعود أساسا الى عدم الدراية بالمجال السمعي البصري وخصوصا فيما يتعلق بالتكلفة المالية لمثل هذه المؤسسات. ويعترف احد المسؤولين في قناة «خامسة تي. في» لصاحبها المخرج التلفزي منصف المكشر ان من أسباب تأخر موعد انطلاق بث القناة رغم حصولها منذ مدة على ترخيص البث هو عدم جاهزية صاحب القناة وخصوصا على المستوى المادي. ويقول إن لديهم أستوديو خاص لتصوير أكبر المنوعات والبرامج التلفزية، كما يمتلكون أستوديوهات للتركيب والميكساج والتسجيل الصوتي اضافة الى كل معدات التصوير، ومع ذلك لم يغامروا ببدء البث، ولو تجريبيا. ويؤكد أن المخرج منصف المكشر يريد أن يبعث قناة تلفزية كبيرة ومحترفة تستجيب لمقاييس العمل التفزيوني العالمي. اتهامات متبادلة اضافة الى هذه المشاكل التي مازالت تحول دون انطلاق بث أغلب القنوات الاذاعية والتلفزية التي حصلت على تراخيص، شهد القطاع في الآونة الأخيرة وحتى قبلها، عديد الأزمات وتبادل التهم بين أحد أصحاب القنوات التلفزية الخاصة والهيئة الوطنية لإصلاح الاعلام والاتصال. وفيما رفضت الهيئة منح السيد طارق البشراوي صاحب القناة الخاصة «تون I» ترخيص بث القناة من تونس بحجة نقص بعض الوثائق في الملف المقدم إليها، أكد هذا الأخير أن ملفه كامل وأن الهيئة رافضة رفضا قطعيا منحه ترخيص بث القناة لأسباب سياسية مشيرا الى التهمة التي وجهها إليه أحد الأعضاء في الهيئة بالحصول على أموال من وكالة الاتصال الخارجي لفائد جمعية في فرنسا. ورغم مرور أشهر عديدة تبادل خلالها الطرفان كل الاتهامات، مازال ملف القناة مفتوحا ومثار جدل واسع. أزمة بين القنوات التلفزية وبالتوازي مع هذه القضية التي لم تجد بعد طريقها الى الحل، شهدت الساحة الاعلامية السمعية البصرية في الآونة الأخيرة، أزمة أخرى أثارها حوار رئيس الدولة المؤقت بين القنوات التلفزية بسبب دعوته الى الحوار لقنوات دون أخرى، وتساءل أصحاب بعض القنوات عن حرمانهم من اللقاء والسماح لتلفزات دون أخرى بالحضور رغم عدم حصول احداها على ترخيص بث من تونس مثل قناة «التونسية» لصاحبها سامي الفهري ونددت بعض القنوات الخاصة مثل «الحوار التونسي» لصاحبها الطاهر بن حسين بهذه الحادثة، وكشف مسؤول من إدارة قناة «خامسة تي في» لصاحبها منصف المكشر، أن القضية أعمق بكثير من حوار رئيس الدولة الموقت لهذه القناة، مشيرا الى أن قناة «التونسية» تلقى دعما كبيرا من بعض الأطراف من الحكومة الموقتة، اضافة الى احتكارها أكبر نصيب من سوق الاشهار في تونس رغم عدم حصولها على ترخيص، وبثها من خارج تونس. وكشف أن هذه القناة تتمتع في الوقت الحاضر، وهي في مرحلة البث التجريبي علي ثلاث عقود اشهار مع أكبر الشركات في تونس (كوكاكولا، ودليس واتصالات تونس). كل هذه المعطيات من شأنها اثارة العديد من التساؤلات حول مستقبل الاعلام البصري في تونس وإمكانية عودته الي المنظومة القديمة خصوصا وأن الأعلام عموما ما فتئ يتعرض منذ انتخابات المجلس الوطني التأسيسي الى هجمة منظمة تسعى الى تدجينه وجعله في خدمة الحكومة والنظام.