تشهد منطقة الشمال الغربي مخاوف كبيرة تحسبا لارتفاع منسوب المياه بالسدود والأودية نظرا لنزول كميات كبيرة من الأمطار إضافة إلى توقعات بشأن ازدياد كميات المياه بعد ذوبان الثلوج المتساقطة في المدة الأخيرة والتي أثرت على منسوب المياه. في هذا السياق حاولنا تقديم فكرة حول الوضع الذي تعيشه السدود المتركزة في الشمال الغربي سواء في ولاية باجة أو جندوبة فكانت لنا لقاءات مع السيد محمد الهمامي رئيس دائرة الموارد المائية بإدارة التنمية الفلاحية بباجة والسيد الناجي البلطي المكلف بنفس المهمة في إدارة التنمية الفلاحية بولاية جندوبة. تضم ولاية باجة ثلاثة سدود وهي على التوالي سد سيدي البراق بنفزة وسد كساب الذي يقع بين باجةوجندوبة وسد سيدي سالم وهو أكبر سد بالبلاد التونسية ويقع بين باجة وتستور والسلوقية وتصب كل السدود في وادي مجردة ما عدا سد سيدي البراق الذي يفتح على البحر قرب منطقة الزوارع وهو ما يجعله بعيدا نسبيا عن خطر ارتفاع منسوب المياه. وبالنسبة إلى سد سيدي سالم والذي يعتبر أكبر سدود الجمهورية التونسية إذ تبلغ سعته القصوى 608 مليون متر مكعب من المياه وهو متفرع من ثلاثة أودية هي وادي سليانة وخلاد ووادي لحمار وحسب السيد محمد الهمامي رئيس دائرة الموارد المائية بباجة لم يتجاوز السد المؤشرات الطبيعية المعمول بها وبالتالي تنتفي أية خطورة خاصة وأن الانسياب لا يزال طبيعيا ب147 مترا مكعبا في الثانية كما أن الارتفاع لم يتجاوز 6.35متر وللإشارة يقع قيس المنسوب في عدة نقاط بصفة منتظمة أي كل ساعة كما تعمل الإدارة المكلفة بصيانة السدود بصفة متواصلة طيلة الأربع والعشرين ساعة. أما بالنسبة لسد كساب فالأمور مغايرة بعض الشيء حيث نجد ارتفاعا طفيفا للمياه لكن بالمقابل نجد حالة انسياب طبيعية وهي مقدرة ب17 مترا مكعبا في الثانية وإلى حد الآن لم يقع أي تجاوز للحد الأقصى لسعة السد المقدرة ب80 مليون لتر من الماء وبالتالي لا يزال الوضع مطمئنا. خلافا لما يقع في منطقة مجردة السفلى أي المناطق التابعة لولاية باجة تبذل إدارة السدود والشؤون المائية على مستوى ولاية جندوبة جهودا كبيرة وحذرا شديدا لمواجهة أي احتمالات بارتفاع منسوب المياه خاصة بعد تساقط الثلوج بكميات كبيرة على مستوى عين دراهموبني مطير وتضم ولاية جندوبة سدين محاذيين لهذه المنطقة وهما سد بني مطير وسد بوهرتمة ويتفرع الثاني من الأول قبل أن يصب في المنطقة العليا لوادي مجردة ولمعرفة نوع الاستعدادات التي قامت بها الإدارة المعنية بالسدود كان لنا اتصال مع السيد الناجي البلطي المسؤول بإدارة التنمية الفلاحية بجندوبة والذي شرح لنا عديد الأمور أهمها أن كل المجهودات مركزة لتفادي أي خطر نتيجة ارتفاع المياه بعد ذوبان كميات الثلج الموجودة بعين دراهموبني مطير ويتم العمل بالتنسيق بين الوحدة المركزية على مستوى سد بني مطير وسد بوهرتمة ووزارة الفلاحة وإدارة السدود بالعاصمة إضافة إلى الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه وقد أوضح لنا هذا الأخير أن سد بوهرتمة هو المعني أكثر بمخاطر ارتفاع المياه نتيجة ذوبان الثلوج وبالتالي تقع مراقبة مكثفة لنسبة ارتفاع الماء فيه ونسبة تدفقه وللإشارة تبلغ سعة سد بوهرتمة 221 مليون متر مكعب وهي طاقة الاستيعاب القصوى التي لم يتجاوزها السد إلى حد الآن وبالتالي لم نصل درجة تستوجب التنفيس. لكن بالرغم من كل هذا لا يزال الحذر واجبا حيث وصل السد إلي درجة تعبئة مقدرة ب220.88 مليون متر مكعب وهو مؤشر خطير نوعا ما إذا وضعنا في الحسبان درجة الذوبان السريعة للثلوج فضلا عن ارتفاع منسوب المياه بوادي مجردة على مستوى مجاز الباب ومعلوم أن هذه المدينة قد عاشت أزمة إنسانية في شهر ديسمبر الماضي نتيجة تضرر عديد المنازل والعائلات المرتكزة بجانب الوادي والحقيقة أن الجهة ليست بمنأى عن الخطورة خاصة بعد نزول الأمطار بكميات كبيرة وبالتالي لا بد من أخذ الاحتياطات اللازمة وتوخي الحذر. وجدير بالذكر أن قوات الجيش التونسي والحماية المدنية قد أرسلتا تحذيرات لأهالي مجاز الباب ونصحت بمغادرة المساكن القريبة من الوادي كما قامت بإجراءات وقائية منها وضع كميات من الأكياس الرملية على ضفاف وادي مجردة وخاصة على مستوى الجسر الموجود وسط المدينة.