تتواصل منذ أسبوعين عربدة المستوطنين والسلطات الاسرائيلية في المسجد الأقصى. وهي تحركات مدروسة وتهدف الى استكمال تهويد القدس تمهيدا لتحويلها رسميا الى ما يسمونه «عاصمة اسرائيل الأبدية». والمتأمل في موقف الجامعة العربية وما يتميز به من صمت مطبق ازاء هول الجرائم المرتكبة يوميا وإزاء تواصل أم الجرائم ممثلة في احتلال كامل فلسطين وفي قلبها القدس لا يملك الا أن يصاب بالإحباط. ذلك أن هذه الجامعة التي تدك رأسها في الرمل حين يتعلق الأمر بعربدة الصهاينة سرعان ما تتحول بقدرة قادر الى «شعلة» من الحيوية والحماس حين يتعلق الامر بتدويل شأن عربي أو بتهيئة الميدان لتدخل عسكري أجنبي في هذه الدولة العربية او تلك. ولعل المثال السوري يبقى خير مثال لجهة كونه جسّد هذه المعادلة العجيبة المتمثلة في صمت الجامعة ازاء جرائم الصهاينة واندفاعها بدق نفير مجلس الأمن وسنّ العقوبات الاقتصادية والمقاطعة السياسية والتهديد بعصا التدخل العسكري.. وهو صمت قابله كل ما شهدناه من هرولة لتأجيج الأزمة في سوريا بتسليط ضغطها في اتجاه واحد وتعمّدها إرسال إشارات خاطئة شجّعت المعارضة المسلحة على التمادي في نهج الحوار بالقنابل والتفجيرات بدل الحوار بالأفكار والكلمات للبحث عن مخرج يفضي الى اعتماد الاصلاحات الديمقراطية المطلوبة ويقطع الطريق أمام الأطماع والمخططات والمؤامرات الاقليمية والدولية التي تستهدف سوريا على خلفية مواقفها القومية ودعمها الثابت للمقاومة في فلسطين ولبنان. فمتى تدير الجامعة بوصلتها نحو وجهتها الحقيقية والطبيعية؟ ومتى تعود أداة لخدمة قضايا الأمة وفي طليعتها قضية الشعب الفلسطيني الصابر والمقاوم؟ وكذلك وسيلة لإعادة الدفء الى البيت العربي بما يدعم الجبهة الداخلية للوطن الكبير في مواجهة الرياح والعواصف العاتية وهي تقرع بواباتنا بعنف من كل الجهات والاتجاهات؟