أكّد القاضي الدكتور فريد بن جحا أنّه لا معنى للمرسوم الصادر في أكتوبر الماضي والذي ينص على سقوط جريمة التعذيب بمرور 15 سنة، لأنّه يتعارض مع القانون الدولي الذي هوأرقى من القانون الداخلي لأي دولة.
وقال بن جحا ل«الشروق» إنّ مصادقة تونس على اتفاقيات حقوق الإنسان وخاصة اتفاقيات جنيف لسنة 1949 واتفاقية عدم تقادم الجرائم ضدّ الإنسانية واتفاقية مناهضة التعذيب تجعل هذه الجريمة لا تقبل السقوط حتى في ظلّ وجود مرسوم يقنّن سقوط الجريمة لأنّ المعاهدات الدولية أرقى من القانون الداخلي. وأوضح الدكتور في القانون بالجامعة التونسية أنّ انضمام تونس إلى المحكمة الجنائية الدولية (جوان 2011) يخوّل للمحكمة المحاسبة على الجرائم الجسيمة في صورة عدم تتبعها عن طريق القضاء الوطني. وكان المرسوم عدد 106 الصادر في 22 أكتوبر 2011 قد أثار مخاوف عدّة أطراف وأطياف سياسية كانت ضحية تعذيب وإقصاء خلال العقود الماضية وخصوصا اليوسفيين في عهد بورقيبة من أن يفلت مرتكبوتلك الجرائم من العقاب، ومن بينهم الوزير الأول السابق الباجي قائد السبسي، حسب محام رفع قضية في هذا الاتجاه الشهر الماضي. وكانت لجنة الحقوق والحريات بالمجلس الوطني التأسيسي صادقت الأسبوع الماضي على اعتماد توصية حول مراجعة الفصل 3 الوارد في المرسوم عدد 106 لسنة 2011 الصادر في 22 أكتوبر 2011 والمتعلقة بسقوط جريمة التعذيب بعد مرور 15 سنة. ومن المنتظر أن يقع إلغاء ما ورد بهذا الفصل وتعويضه بمبدأ آخر وهوعدم سقوط الدعوى العمومية في جريمة التعذيب بمرور الزمن مثلما تنص على ذلك اتفاقية الأممالمتحدة المناهضة للتعذيب. وبررت التوصية هذا المقترح بأنه لا مجال للتهرب من العقاب في جريمة التعذيب، واعتبر بعض النواب أن مرسوم أكتوبر 2011 صدر أساسا لحماية أصحاب النفوذ في نظامي بورقيبة وبن علي الذين تعلقت بهم قضايا تعذيب أوقد تثار ضدهم قضايا في هذا الخصوص . وكان مرسوم 22 أكتوبر 2011 قد نص في فصله 3 على أنه «تضاف فقرة رابعة للفصل 5 من مجلة الإجراءات الجزائية كما يلي: تسقط الدعوى العمومية الناتجة عن جناية التعذيب بمرور خمسة عشر عاما. وتجري آجال سقوط الدعوى العمومية بالنسبة لجرائم التعذيب التي ترتكب على طفل بداية من بلوغه سن الرشد». ولم يتعرض الفصل 5 من مجلة الإجراءات الجزائية في صيغته الأصلية إلى سقوط الدعوى العمومية في جريمة التعذيب بمرور الزمن لكنه تعرض لسقوط الدعوى العمومية بالنسبة للجنايات بشكل عام وهي 10 سنوات. وقد اعتبر ملاحظون وحقوقيون أن مرسوم أكتوبر 2011 كان مفاجئا وغريبا لأنه جاء ليخالف بشكل واضح ما تنص عليه المادة الرابعة من اتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة . ويرى فقهاء القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وفقه القضاء أن الجرائم المتعلقة بالتعذيب هي جرائم خطيرة، لا يمكن أن تسقط بالتقادم شأنها شأن جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة.