لم تكن جلسات اللجنة الاقتصادية لإفريقيا مكتب شمال إفريقيا التابع للأمم المتحدة جلسات استعراضية أو فيها مبارزة بين الخبراء الحكوميين الحاضرين والمؤثثين لهذه الاجتماعات التي عرفتها العاصمة المغربية طوال أربعة أيام (من 6 إلى 9مارس الجاري)... بل كان المجال مفتوحا لتبادل الخبرات في مجالات الأمن الغذائي والتشغيل والبيئة، في كافة الدول السبع لشمال إفريقيا: المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا والسودان ومصر... عديد الخبراء شددوا خلال جلسات البحث في الرباط على أن الحكومات كانت تعتمد «سياسة الواجهة La politque de façade» من ذلك أن الواقعية في تناول الملفات جاءت في ورقات وتقارير الخبراء، الذين تنوعت اختصاصاتهم وتآلف حرصهم على معالجة قضايا شمال إفريقيا، من أجل أن تكون المنطقة داعمة لإفريقيا القارة كقطب للتنمية.... في مجال الأمن الغذائي الذي طرح بقوة خلال هذه التظاهرة الإقليمية أكد المتدخلون على أن تحقيق هذا المبدإ (الأمن الغذائي) يتطلب استراتيجيات تبدأ من الأطراف الداخلية...أي أن كل سلطة في بلد من البلدان المعنية تنخرط وتقيم استراتيجيا، تكون من أهدافها الوصول إلى تحقيق الأمن الغذائي.. كيف التعامل في هذا الشأن، بين الريف والمدينة؟ وماهو نصيب المرأة في النهوض باقتصاديات هذه البلدان، التي تصنف في جلها بلدانا فلاحية...؟ مشاركة المرأة في البلدان المكونة لمنطقة شمال إفريقيا باتت ضرورية، كما أن تنويع مجالات النشاط الاقتصادي أضحت ضرورية كذلك ...فقد كان الاتفاق عبر المقترحات التي تقدم بها الخبراء على : أولا: تطوير حجم الانتاج الوطني الفلاحي حتى يمكن تحقيق المطالب الداخلية...من تشغيل واكتفاء غذائي ذاتي... ثانيا : بخصوص نظام الري هناك مقترحات بإعادة النظر فيه من حيث أسسه وطرقه وكذلك في مستوى البنية التحتية.. ثالثا : تشجيع الاستثمار الداخلي في المجالات الاقتصادية المتنوعة. رابعا :تنمية الفلاحة العائلية برفع الحواجز والابتعاد عن تشتت الأراضي والملكيات... هذه النقاط الأربع التي تم التحاور فيها ومناقشتها خلال الدورة المذكورة من قبل الخبراء دعت أيضا إلى تعميق التعاون الإقليمي ودعم التكامل في المجالات الاقتصادية بين البلدان السبعة للمنطقة. لم يغفل الخبراء المتطارحون حول مائدة مستديرة صعوبات تحقيق بعض ما أشارت إليه تقاريرهم المختلفة... ولكن حين تتوفر الإرادة السياسية والوعي بأهمية الموقع الاستراتيجي لمنطقة شمال إفريقيا باعتبارها محطة بين إفريقيا الصحراء وأوروبا تصبح جل الحلول قابلة للتحقيق... من هنا نستطيع التقديم أنه لا يمكن للمتغيرات السياسية أن تنجح ولا يمكن للتحولات الاجتماعية أن تتطور بالاتجاه الإيجابي إلا متى استمع السياسيون إلى آراء ودراسات الخبراء... إن التحرير مرتبط بالحرية... هكذا رأي أحد الباحثين الأكاديميين المغاربة مشددا على أن حرية التفكير والتعبير مرتبطة بتحرير المبادرات وكذلك مرتبطة بالمستوى الاقتصادي ومستوى النمو الذي يحققه البلد المعني.