علاش العالم الكل ما يحتفلش برأس السنة نهار 1 جانفي؟    زهران ممداني يؤدي اليمين الدستورية عمدة لنيويورك    عاجل : مباريات المنتخبات العربية في كان 2025...وقتاش و فين؟    السنغال تتصدر المجموعة الرابعة بكأس الأمم الأفريقية رغم طرد كوليبالي    يهمّ التوانسة: المتحوّر ''K'' لا علاقة له بفيروس كورونا    عاجل/ فاجعة في الهند..وهذه حصيلة الجرحى..    البنك المركزي يقرر التخفيض في نسبة الفائدة المديرية إلى 7 بالمائة    ياسمين الحمامات: استعدادات مكثفة لتأمين عطلة رأس السنة وتوقعات باستقبال 12 ألف زائر    كاس امم افريقيا (المغرب 2025) : برنامج مباريات اليوم الاربعاء    عاجل : كل ماتحب تعرفوا على ماتش تونس ضد مالي في ثمن نهائي كان 2025    توقيت استثنائي لعمل الهياكل التجارية للبريد التونسي اليوم الاربعاء 31 ديسمبر 2025    بلغاريا تستعد لاعتماد اليورو بعد 20 عاما على انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي    لماذا تعلق الأغاني في أذهاننا؟ العلم يفسّر 'دودة الأذن'    طقس اليوم: أمطار رعدية ورياح قوية    سرقة القرن في ألمانيا.. 30 مليون يورو تختفي من خزائن بنك..ما القصة؟!..    زيلينسكي مستعد للقاء بوتين "بأي شكل".. ويريد نشر قوات أمريكية ببلاده    وزارة الفلاحة تحذر المسافرين من نقل النباتات أو المنتجات النباتية في الأمتعة... التفاصيل    مجلس الوزراء السعودي: نأمل أن تستجيب الإمارات لطلب اليمن خروج قواتها من البلاد خلال 24 ساعة    نهاية حقبة الرسائل الورقية.. الدنمارك أول دولة أوروبية توقف البريد العام    تركيا تستعين بألمانيا في التحقيق بتحطّم طائرة رئيس الأركان الليبي    "كان" المغرب 2025.. برنامج مواجهات ثمن النهائي    الترفيع في السعر المرجعي لزيت الزيتون البكر الممتاز    مهرجان المسرح الكوني للطفل بباب سويقة...إقبال كبير للجمهور في الدورة 19    أخبار المال والأعمال    أولا وأخيرا .. بو كبّوس و بو برطلّة    عاجل/ تأييد الحكم بالسجن ضد عبير موسي في هذه القضية..    المعهد الوطني للرصد الجوي: خريف 2025 أكثر دفئًا من المعدّل لكنه أقل حرارة مقارنة بالفصول السابقة    التمديد في حالة الطوارئ لمدة شهر بداية من 1 جانفي القادم    الليلة: أمطار مع رياح قوية بهذه الجهات    جدل رياضي: الاتحاد المنستيري يفضح اعتداء بعد مباراة مثيرة    سلسلة عروض جديدة لمسرحيات "جاكراندا" و"الهاربات" و"كيما اليوم" مطلع العام الجديد    مختصّة في طبّ الشيخوخة: عزلة كبار السنّ خطر رئيسي يرفع نسب الاكتئاب والوفيات المبكرة لديهم    وليد الركراكي: "من الآن فصاعدا كل المباريات ستكون بمثابة نهائي"    تونس تستقبل السفير اللبناني الجديد وتؤكّد دعمها للبنان    قابس: نسبة إشغال الوحدات السياحية بطماطة وتوجان وتمزرط تتخطّى ال90 بالمائة بمناسبة العطلة المدرسية ورأس السنة الادارية    رئيس مجلس نواب الشعب يشرف على افتتاح حديقة سيدي بويحيى برادس    عمادة الأطباء تشدد على ضرورة الحصول الأطباء على ترخيص مسبق قبل أي ظهور إعلامي    زياد دبّار: قطاع الصحافة في تونس منكوب اقتصاديّا و80 بالمائة من المؤسسات مهدّدة بالغلق    زغوان: حجز580 كلغ من العسل وأكثر من 700 كلغ من المرطبات    إعطاء الطفل هاتفاً قبل هذا العمر مضر جداً.. دراسة تفجرها وتكشف حقائق خطيرة..    عاجل: هذا موعد الأيام البيض لشهر رجب    شركة عجيل تنتدب عدّة إختصاصات: سجّل قبل 20 جانفي 2026    عاجل/ في أول تصريح لها: والدة الطفلة التي دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير تكشف..    حمام الأنف: الكازينو التاريخي باش يترمّم ويرجع يلمع من جديد ...شوفوا التفاصيل    هل تحارب الفوترة الإلكترونية الاقتصاد الموازي أم تعمّق أزمة المؤسسات؟    عاجل: شهر رمضان يتكرر للمرة الثانية في عام واحد    تونس من بين الدول المعنية به..تعرف على موعد أطول حالة ظلام دامس بالأرض خلال قرن..    السجن لمنفذ عملية "براكاج" لطالبة..وهذه التفاصيل..    عاجل/ التشكيلة المنتظرة للمنتخب في مباراته ضد تنزانيا..    أفلام عربية متفوّتهاش ليلة رأس العام    كونكت تطالب وزارة التجارة بتخفيض سعر القهوة وتحذّر من سيطرة المهربين على القطاع    راس العام في الدار؟ هذي أفلامك باش تضحك وتفتح العام الجديد بالفرحة    حضور مميز لمندوبية التربية بجندوبة في احياء الخط العربي    عاجل/ خلال لقائه وزير الفلاحة ومدير ديوان الزيت: رئيس الدولة يدعو للتصدي لهؤلاء..    ڤريب الشتاء: كيفاش تتعدى، قدّاش يدوم، ووقتاش يلزم تمشي للطبيب؟    «صاحبك راجل» في القاعات المغربية    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيوننا الأخرى : الكتابة انتصارا للحياة...
نشر في الشروق يوم 22 - 03 - 2012

صدرت حديثا عن «منشورات كارم الشريف» رواية «أحباب الله» للكاتب التونسيّ كمال الشارني. وهذه الرواية تندرج ضمن لون أدبيّ مخصوص شهد ، بعد الثورة التونسيّة ،


ازدهارا وانتشارا واضحيْن هو «أدب السجون». ومثل جميع الروايات التي اتّخذت من السجن محورا لها، أو إطارا مكانيّا لأحداثها جمعتْ هذه الرواية بين أنواع سرديّة شتّى مصوّرة، من خلالها، تجربة اعتقال الكاتب/الراوي بعد أن حُكِم عليه بالسجن مدّة خمس سنوات ونصف على إثر مشاركته في التظاهرات الطلابيّة التي شهدتها تونس سنة 1986 .

وقد تشكّلت فصول هذه الرواية من خلال استرجاع صور السجن وإعادة بنائها ونظمها في سلك يجمعها على تشتّتها وتباعدها..كلّ الرواية هبوط في أعماق الذاكرة ، دخول في دهاليزها المظلمة، وسعي إلى إخضاع ما اختزنت من مشاهد وأحاسيس إلى قانون التقطيع والاختيار لتصبح ، في آخر الأمر ، بناء فنّيا منسجما يتضمّن جماليّته وتنظيمه المخصوص...

وقد تعمّدت هذه الرواية إلغاء الحدود بين الكاتب والرّاوي من ناحية ، وبين الرّاوي والشخصية الرئيسيّة من ناحية أخرى.كما تعمّدت إلغاء الحدود بين أجناس أدبيّة كثيرة مثل السيرة الذاتيّة والمذكّرات واليوميّات..الكاتب نفسه لم يحدّد على نحو واضح الجنس الذي ينتمي إليه نصّه . ففي الغلاف أثبت أنّه ينتمي إلى جنس الرواية بينما أشار في المقدّمة إلى أنّه من جنس المذكرات حينا، وجنس اليوميّات حينا آخر بل ربّما وجدناه يصف هذا النصّ ب«الوثيقة عن مرحلة شديدة البؤس من تاريخنا الوطنيّ الحديث..» ويزداد الأمر غموضا حين يكتب في إحدى عتبات النصّ : «لا شيء من هذا حدث ...كلّ هذا ليس إلاّ أدبا..»


والواقع أنّ الكاتب قد مزج بين كلّ هذه الأجناس على تباعدها وتنافرها، مستنفرا طاقاتها التعبيريّة والتخييليّة ليقول، من خلالها، تجربته ويفصح عن غائر مشاعره وعميق رؤاه... لكأنّ الجنس الواحد بات قاصرا عن أن يقول هذه التجربة ...قاصرا عن أن يحيط بكلّ تفاصيلها .لهذا توسّل الكاتب بأكثر من جنس، بأكثر من طريقة أداء . ومن بين هذه الأجناس نجد الشعر يتردّد في فضاء الرواية يحمل عن الكاتب عبء الإفصاح عن التجربة...شعرا نظم بالعاميّة التونسيّة لا يُعْرَف اسم قائله يأتي من أعماق التاريخ مفعما بآلام العشّاق وأوجاع العاشقات يخبر عن قصص طواها النسيان .. قصص الحبّ تنعقد في السرّ، قصص الهجرات نحو الغرب التونسيّ، قصص الخيانات تفرّق بين الأحبّة..ّوفي هذه المراوحة بين السرد والشعر ما يذكّر القاريء بالتراث السرديّ العربيّ.

لكنّ هذه الرواية لم تسترفد من التراث السرديّ تقاليد المراوحة بين المنظوم والمنثور فحسب بل استرفدت أيضا ، عن وعي منها أو عن غير وعي ، بنية الحكي التراثيّ القائم على حكاية إطاريّة كبرى تضمّ أمشاجا من الحكايات الصغرى يتوالد بعضها من بعض وفق منطق التداعي..لهذا نجد العلاقات بين هذه القصص تنتظم حينا وتنفرط حينا آخر..لكنّها في كلّ الأحوال لا تخضع لنظام مسبق يجمع مفترقها ويشدّ مختلفها. والقصّة الإطاريّة الكبرى ، في هذه الرواية ، هي قصة الكاتب يكابد محنة السجن وهو لم يزل يافعا هشّا ، غير قادر ، بعد ، على فكّ أبجديّة الحياة والكون أو كما جاء في العنوان ، مازال من «أحباب الله» الأبرياء... وداخل هذه القصّة الإطاريّة تتضامّ جملة من القصص الصّغرى تروي محنة عدد من المساجين الآخرين القابعين في هذا الجحيم الذي يسمّى سجنا ، منها قصّة السّجين الذي فقد عقله فعلّق في حزامه ملاعق وأكوابا من البلاستيك ومضى يحدّث مكانا معيّنا من جدار الغرفة...وقصّة السجين الذي مافتئ يضرب رأسه على الجدران ..وقصّة السجين الذي يأكل الأوراق ،وقصّة السجين الذي يكتب رسائل لا تصل إلى أحد...قصص يتناسل بعضها من بعض تماما كما هو الشأن في الحكي التقليدي..

وهذه البنية المرنة هي التي جعلت من الرواية فضاء حرّا، ونصّا مفتوحا يستوعب الكثير من القصص المتخيلة والشهادات الواقعيّة يؤاخي بينها دون تعمّل أو إكراه..
والمتأمّل في هذا النصّ يلحظ أنّ فصوله مراوحة بين مرجعيّة واقعيّة تحاول أن توثّق لمرحلة من تاريخ تونس وترصد كلّ تفاصيلها ..وبين نزعة فنّية تحاول أن ترقى بهذا النصّ، على واقعيّته المفرطة أحيانا، إلى منزلة الرواية، حيث تنسكب التجربة الذاتيّة في فضاء تخييليّ محض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.