«عبد العزيز الثعالبي مفكرا ومناضلا» كان عنوان المداخلة التي ألقاها مؤخرا الشيخ راشد الغنوشي بدعوة من الجمعية الثقافية «منتدى المعرفة» بحي الرياضسوسة في اطار الاحتفالات بالذكرى 56 لاستقلال تونس من الاستعمار الفرنسي الغاشم. أكد الشيخ راشد في بداية مداخلته على أهمية الرجوع إلى التاريخ وتسليط الضوء على زعمائه مضيفا «مهم جدا أن يحضر في الجذور باحثون عن أصول هذه الثورة المباركة فنحن نعتبر في تقديرنا أن هذه الثورة هي ثمرة من ثمرات أجيال من المناضلين يتقدمهم الثعالبي وجيله»، ومستعرضا سيرة هذا المناضل والمصلح السياسي والديني «مؤسس الحركة الوطنية» واصفا اياه ب«الأب الروحي لحركة النهضة» معتبرا «النهضة هي الثعالبي المنتصر فهو أب عظيم لها وامتدادا لحركته» على حد تعبيره .
و أشار الشيخ راشد في سياق حديثه إلى نظرة الثعالبي لمسألة الدّين والحداثة الذي اعتبر أن الدين ليس معرقلا للحداثة عكس ما كان يروجه المستعمر الفرنسي والذي سعى إلى التصدي إلى الثعالبي بشتى الطرق تجنبا لأرائه الاصلاحية السياسية وخاصة الدينية حيث» سعى (الثعالبي) إلى تخليص المعتقدات السائدة من الخرافات واصطدم بسبب ذلك بالصوفيين التونسيين الذين سيطرت عليهم هذه الخرافات فاتهموه بالهرتقة و بالزندقة».
الثعالبي و بورقيبة
في تعرضه إلى النضال السياسي للثعالبي أشار الشيخ راشد إلى التأثر الكبير للحبيب بورقيبة بالمصلح عبد العزيز الثعالبي مضيفا «صرح بورقيبة في العديد من المرات أن كتاب «تونس الشهيدة» كان يضعه تحت وسادته ويبكي حتى أنه قلد الثعالبي في ركوبه الحصان الأبيض عند استقباله في تونس بعد أن تدرب على ذلك في فرنسا» كما تمت الاشارة إلى الخلاف الحاصل بين بورقيبة والثعالبي من خلال الانشقاق والتصدع الذي أصاب الحزب الحر الدستوري في مؤتمر قصر هلال معتبرا أن فرنسا عندما اضطرت إلى الانسحاب من تونس اختارت الحل الأقل سوءا بالنسبة اليها وهو الحبيب بورقيبة الذي فضلته عن الثعالبي اعتبارا أن هذا الأخير كان مصلحا دينيا». الى جانب تثمين السيد صالح النويوي رئيس منتدى المعرفة بشخصية عبد العزيز الثعالبي فقد تقدم السيد أحمد خالد (وزير ثقافة سابق) شهادة حول هذا المناضل من خلال بحوثه حول هذه الشخصية والتي خلّفت مجلّدين مركزا على الشروط التي أوردها الثعالبي في احدى مخطوطاته والتي تنص على شروط كتابة الدستور اضافة إلى دعوته إلى تلازم الاسلام والحداثة دون اجحاف.
تكريم واستقبال كبير
حظي الشيخ راشد الغنوشي باستقبال حارا من الحاضرين الذين غصّت بهم قاعة المنتدى وحرصوا على البقاء قصد التحدث مع الشيخ مثمنين حضوره وسيرته النضالية وقد خصت جمعية منتدى المعرفة الشيخ الغنوشي بتكريم تمثل في تسليمه رمز الجمعية وسط هتافات وتصفيق الحاضرين.