أيّ دور للقوى الاشتراكية الديمقراطية والتقدمية الأوروبية في دعم مسارات الثورات العربية والانتقال الديمقراطي في بلدان «الربيع العربي»؟ هذا محور المؤتمر الذي انعقد أمس بالعاصمة تحت شعار «رؤية تقدّمية من أجل عالم عربي جديد». وشارك في المؤتمر الذي رعاه الحزب الاشتراكي الأوروبي وكتلة الاشتراكيين الديمقراطيين بالبرلمان الأوروبي وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات عدد من ممثلي الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني من تونس وسوريا واليمن وفرنسا وإيطاليا وغيرها.وتمّ تقسيم المشاركين إلى 4 فرق عمل تمحورت أشغالها حول «مسار الدمقرطة: الإعلام والأمن والقضاء» و»دعم الحركات والأحزاب السياسية التقدمية: أولوية دستورية وسياسية» و»التحديات التقدمية: مقاومة البطالة وتأمين العدالة الاجتماعية» وأية آفاق للاتفاقات التجارية والاندماج الإقليمي؟».
مشاكل «الربيع العربي»
وفي افتتاح المؤتمر قال أمين عام حزب التكتل، رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر إنّ التوجه التقدّمي لا يتنكّر للهوية العربية الإسلامية بل يعتبرها من تحصيل الحاصل مؤكّدا ضرورة «أخذ ذلك في الاعتبار لبناء تونسالجديدة، تونس الوسطية المتشبثة بجذورها وثقافتها العربية والمنفتحة على القيم الديمقراطية والكونية».وأضاف بن جعفر أنّ «المؤتمر يتطرّق إلى كلّ المشاكل التي تهم الدول العربية التي شهدت ثورات واستفاقة نحو التحرّر والديمقراطية» مشيرا إلى الحضور القوي للملف السوري «لأنّ ما يجري في سوريا لا يمكن أن تقبله كلّ القوى المؤمنة بالحريات والديمقراطية» حسب قوله.وأكّد بن جعفر أنّ «الحلّ في سوريا يكون برفض التدخّل الأجنبي وكذلك بوحدة صفّ المعارضة».
وذكّر بن جعفر ببدايات الثورة التونسية مشيدا بدور من سماهم «الأصدقاء الذين ساعدونا واستمعوا إلينا» مؤكدا أن الثورة لم تكن عفوية لأنها كانت مسبوقة بنضالات طويلة ومريرة وأن «من دفع بها لم يكن إسلاميا ولا يساريا ولا تقدّميا ولم يكن دافعه وجود الشريعة في الدستور من عدمه، بل كان شبابا مستقلا ضحى من أجل الكرامة واسترجاع الحرية.
واعتبر بن جعفر أنّ «نجاح التجربة التونسية يرجع إلى كلمة سحرية وهي التحاور، فالتحاور مكّننا من إجراء أول انتخابات ديمقراطية في تونس ومكّنا من تجاوز التجاذبات بين قوى التغيير وقوى الشدّ إلى الوراء» مضيفا أنّ «اليوم لدينا كلمة سحرية حاضرة في أذهاننا وهي التوافق وبفضلها تمكنّا من وضع المؤسسات الديمقراطية وخاصة المجلس التأسيسي وانتخاب رئيس شرعي للبلاد وحكومة شرعية ولجان مختصّة لكتابة الدستور الجديد».
لكن بن جعفر دعا إلى «اليقظة لأنّ المكاسب لا تزال هشة ولأن التراجع إلى الوراء لا يزال قائما وممكنا، ومشكلتنا اليوم أنّ هذا المسار الديمقراطي الذي خطا خطوات ثابتة يبقى مهدّدا لا بالأفكار أو من طرف التيارات ذات المرجعية الدينية ولا من القوى التقدّمية بل هو مهدّد لأسباب اجتماعية لأن القضية الاجتماعية هي القضية الفاصلة وهي التي ستمكّن القوى التي تدفع نحو التغيير الديمقراطي من القيام بمهامها».
ووجه أمين عام حزب التكتل كلامه إلى القوى التقدّمية في الغرب قائلا «إذا أردتم مساعدة هذه الشعوب العربية التي تتوق إلى المسك بزمام أمورها أوقفوا مساعدتكم للطغاة وتوقفوا عن الخوف منّا فنحن شعوب لنا ثقافتنا وحضارتنا وربما قريبا سنقدّم مقترحات ونظرة جديدة يمكن أن نساهم بها في بناء المستقبل».واقترح بن جعفر «بعث ناد اوروبي عربي يجمع بين الأحزاب التقدّمية العربية والأوروبية ويكون مفتوحا أمام مكونات المجتمع المدني التي تؤمن بالحوار والديمقراطية.
رؤية أوروبية
من جانبه أكّد هانس سوبودا، رئيس كتلة الاشتراكيين الديمقراطيين بالبرلمان الأوروبي تضامن كتلته مع الشعوب العربية التي تناضل من أجل احترام حقوق الإنسان وإرساء الديمقراطية ودعوتها المفوضية الأوروبية ومجلس أوروبا إلى العمل على إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي في دول الربيع العربي.وقال سوبودا «نحن هنا من أجل التزامنا بالعمل معكم لإنجاح الربيع العربي عبر إرساء ديمقراطية قوية في جنوب المتوسط».
وقال رئيس الحزب الاشتراكي الأوروبي سيرغي ستانيشيف إنّ «البيان المنبثق عن أشغال هذا المؤتمر سيكون بمثابة خارطة طريق ديمقراطية ذات آفاق اقتصادية، فهي ستفتح الطريق أمام خطة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة العربية قائمة على أساس الخدمات العامة وعلى استراتيجية استثمار في القطاعات الحيوية والأساسية».وقالت إحدى المشاركات في المؤتمر، الناشطة اليمنية سميرة الفهيدي إنها تنظر «بإيجابية وأمل لأن يكون هذا المؤتمر بداية لمساعدة بلدان الربيع العربي على البدء في النهضة التنموية وخلق آفاق تعاون وشراكة حقيقية بيننا».
وأضافت الفهيدي أنه «يجب أن يكون لدى القوى التقدّمية الغربية استعداد لمساعدة ثوار الربيع العربي الذين من بينهم اشتراكيون وتقدميون كانوا في مقدمة من واجهوا الدكتاتورية ويحتاجون اليوم إلى مساعدة لمواجهة المدّ التقليدي الذي يكاد يسيطر على المشهد السياسي في العالم العربي» حسب قولها.