شغل اعتصام عدد هام من مواطني ولاية المنستير أمام مقر الولاية العشرات من الصفحات التونسية يوم أمس، وتحول تعيين وال من حركة النهضة إلى موضوع صراع بين طرفي النزاع السياسي في تونس حول حياد الإدارة وفصل الدولة عن «الحزب الحاكم» كما تتّهم المعارضة حركة النهضة.
وتعود جذور الخلاف حول تعيين الولاة إلى عدة أيام، وقد شغلت ناشطين وحقوقيين من المعارضة من عدة جهات، خصوصا تلك التي شهدت تعيينات حديثة. ويقول ناشطون من المعارضة واليسار عموما في الصفحات التونسية إن حركة النهضة بصدد بسط أيديها على مقاليد السلطة في الجهات وأن ذلك يأتي في إطار خطة عامة للاستعداد للانتخابات. ويتجاوز بعض ناشطي المعارضة ذلك إلى الحديث في صفحاتهم عن «مؤامرة» تعدها النهضة للفوز بالسلطة في الانتخابات القادمة. وفي المقابل، يتحرك ناشطو النهضة وأنصارهم في صفحات الموقع الاجتماعي للرد على هذه التهم والحديث عن «الكفاءة العلمية والإدارية» للولاة والمسؤولين الذين تم تعيينهم مؤخرا، كما يتحدثون عن وجوب تطهير الإدارة في متخلف مستوياتها لأن ذلك مطلب من مطالب الثورة التونسية. وتنشر صفحات قريبة من النهضة وثلاثي الحكم معلومات عن نجاحات كبيرة يحققها والي المنستير الجديد مثل فك اعتصام تجار منزل كامل وتوصله إلى اتفاق مبدئي معهم، بالإضافة إلى تحركه على الميدان لمواجهة الملفات اليومية العاجلة.
لكن ذلك لا يقنع نشطاء المعارضة في شيء، وهم ينشرون يوميا عشرات المقالات التي تتحدث عن غضب سكان المنستير من تعيين وال نهضوي دون التطرق إلى شهائده العلمية أو خبرته في الإدارة، ويعتبرون مجرد انتمائه إلى النهضة عائقا كبيرا أمامه في الجهة، ولذلك اعتصم عدد كبير من الناس أمام مقر الولاية احتجاجا على تعيينه، لكن لا أحد قدم لنا عدد الحاضرين الذين يبدو أنهم بضع عشرات من خلال الصور التي نشرتها صفحات المعارضة وكان هذا الجمهور يحظى بتأطير واضح من أعوان الأمن ولم نر في الصور المنشورة أي علامة من علامات الانفلات أو العنف رغم ما راج من محاولات لاقتحام مقر الولاية.
لكن المعلومات الوادرة من هناك تشير إلى تطور حالة الرفض إلى توقف عن الدراسة في العديد من المؤسسات التعليمية من كل المستويات وتصاعد حدة الاحتجاج إلى مرحلة قد تؤدي إلى تعطل النشاط الاقتصادي في الجهة. غير أن ناشطي صفحات النهضة والقريبة منها تهون من هذه الحركة الاحتجاجية وتنشر معلومات تفيد أن الوالي الجديد بصدد التقدم في عمله وأن عدد المحتجين والمعتصمين أمام الولاية لا يزيد عن بضع عشرات، فيما يتجاوز بعض المتحمسين للنهضة ذلك إلى القول إن من يحتجون على تعيين الوالي الجديد هم من «بقايا التجمع المنحل».
ومن خلال العشرات من الصفحات التونسية التي تناولت هذا الحادثة، نكتشف أن «حياد الإدارة» قد تحول إلى موضوع صراع سياسي آخر بين الحكومة وخصومها إلى جانب العشرات من المواضيع التي تؤجج الخصام اليومي بين طرفي الصراع، فيما يعتقد ناشطون محايدون أن الحملة الانتخابية قد بدأت وأن بوادرها قد ظهرت في العديد من المواقع والصفحات الاجتماعية وأن كل الوسائل أصبحت مباحة لاكتساب الأنصار والمواقع وإطلاق القضايا السياسية في الفضاءات العامة.