انتشرت في الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي هذه الأيام ظاهرة التذمر من الارتفاع المشط للأسعار وخصوصا الخضر والمواد الغذائية الأساسية، وتكشف تعاليق التونسيين عن حالة إحباط عامة من انفلات الأسعار دون بوادر أمل في تخفيضها.
وتهتم أغلب الصفحات التونسية بمشكلة إرتفاع الأسعار منذ بداية الثورة وحدوث انفلات عام في الأسعار والخدمات، ويرد ناشطون مطلعون ذلك إلى انتشار الاحتكار والسمسرة في غذاء التونسي، بالإضافة إلى ما ينشره الجميع يوميا من تضاعف عمليات التهريب نحو ليبيا والتي شملت كل المواد الغذائية تقريبا. غير أن ظهور بعض المعلومات عن قانون المالية الجديد والميزانية التكميلية الذي ينتظر أن يتضمن زيادة هامة في سعر المحروقات قد جعل الكثير من الناشطين يهتمون بالارتفاع الجنوني للأسعار لكن دون أن ينسوا خلافاتهم التاريخية بين النهضة وحلفائها واليسار والمعارضة، بل يجدون طريقة لتوظيفها في الصراع السياسي التقليدي.
وينشر عدة ناشطين صورا واضحة من بعض الأسواق حيث نرى أرقاما مفزعة لأسعار خضر بسيطة لا غنى للمطبخ التونسي عنها يوميا، مثل البطاطا والبصل والفلفل. وتندرت العديد من الصفحات طويلا بصورة علبة خضر تضم قطعة بطاطا ورأسي لفت ورأس بصل وقطعتي جزر وقليل من المعدنوس، طرحتها إحدى المساحات التجارية الشهيرة في إطار محاربة غلاء الأسعار إنما الطرافة في الصورة هي ثمنها الذي بلغ 4980 مليما لا غير، نعم خمسة دنانير إلا عشرين مليما مقابل حفنة من الخضر.
ويجمع الناشطون التونسيون على وصف الأسعار في تونس بالجنون، خصوصا حين ينشرون صور الخضر والغلال، مثلما جاء في صورة حديثة من المرسى يظهر فيها «السيد الفلفل» مقابل 3200 مليم. ونشر ناشط شاب من العاصمة صورا للخضر بأسعارها الجنونية وكتب ساخرا: «وداعا للكفتاجي، أكلة الفقراء في تونس، سوف يباع الصحن قريبا بخمسة دنانير». وكتبت ناشطة حقوقية تعليقا على الصورة التي ضمت أغلب أنواع الخضر في السوق التونسية: «بحسبة بسيطة، في هذه الصورة يلزمك 14 دينارا من أجل حفنة من الخضر الضرورية للمطبخ التونسي». وكتب طالب شاب معروف بتعاليقه الساخرة: «الخضر سوف تباع في الصيدليات بسبب أسعارها». وفي ظل هذا الإحباط العام بسبب غلاء المعيشة، تم نشر وتداول خبر يؤكد أن الحكومة سترفع سعر البنزين بمائة مليم، وهو ما زاد في حدة التعاليق التي تحمل حركة النهضة وثلاثي الحكم مسؤولية ارتفاع الأسعار.
وفي هذا الإطار تم نشر تعليق صغير كتبه ناشط متخصص في الاقتصاد: «مائة مليم في سعر البنزين سوف تضاعف أسعار كل شيء في البلاد، سترتفع كلفة النقل الذي ينقل المواد الغذائية، وسيرتفع ثمن تذكرة النقل العمومي والخاص، إن رفع سعر الوقود يعني إشعال النار في أسعار كل شيء، من هو الذكي الذي جاء بهذه الفكرة ؟».
وبما أن الحكومة هي التي أقرت هذه الزيادة، فإن ذلك يفتح عليها وعلى النهضة خصوصا باب الجحيم في الصفحات التونسية ويهاجمها نشطاء المعارضة واليسار ومناضلو اتحاد الشغل بشراسة وهكذا تأخذ مسألة غلاء الأسعار طريقها نحو الصراع التقليدي الذي لا يتوقف بين طرفي النزاع في تونس.