ليس عسيرا على أي مواطن تونسي أن يكتشف وهو يتصفح بعض الجرائد أو وهو يتابع لقاءات حوارية على القنوات التلفزية أو عبر أمواج إذاعة أن يسمع صوت طبول الحرب على السلفية التي اختص في قرعها بكل حماس بعض الأشخاص الذين لا يفقهون سوى الحديث عن تهديد الإسلاميين للمجتمع التونسي ولثورته.
يرى عدد من المتابعين أن ميزة هؤلاء المطبلين للحرب أنهم يتحركون بصفة جماعية ويستعملون نفس القاموس الاصطلاحي الذي نهل منه «فلاسفة» المخلوع ألفاظهم طيلة 23 عاما واخر معزوفاتهم هو تكهنهم أولا بقرب المواجهة بين النهضة والسلفية من جهة وبين وزير الداخلية وزعيم أنصار الشريعة من جهة أخرى قل أن ينسبوا للسيد رشيد عمار تصريحا لم يقله والملفت للانتباه لدى المتابعين للمشهد أن «حماة الوطن» لم نسمع لهم صوتا في غير هذا المجال وهذا ما طرح أكثر من سؤال هل أن إعلاءهم صوت طبول الحرب على السلفية هو تكتيك للتعتيم على قضايا حارقة أخرى أو لإخفاء أصوات أقدام قادة الثورة المضادة وهم يتسللون من جديد للمشهد السياسي بغية تغيير مساره؟ أم تراهم يسعون إلى تحقيق سيناريو معين أشار إليه القاضي فرحات الراجحي قبل أشهر حسب بعض القراءات أم هم يسعون فقط إلى إضفاء شعور عام معين على أفراد الشعب؟ لا يختلف عاقلان في خطورة تطرف بعض الذين يقدمون أنفسهم على أنهم أنصار المشروع الإسلامي عن قصد أو عن غير قصد لكن أين المحللون السياسيون من ظواهر متطرفة أخرى دخيلة على مجتمعنا وتهدد كيانه في الصميم؟
أين هم من انتشار «الزطلة» وتفشي الإدمان بين التلاميذ والشباب؟ أين القارعون على الطبول من تفشي ظاهرة الحمل خارج الأطر القانونية والشرعية بين القاصرات؟ أين القارعون على الطبول من تفشي الجهل والأمية بين أطفال وشباب أعماق تونس بسبب الانقطاع المبكر عن الدراسة لأسباب مادية؟ أين القارعون على طبول الحرب من تفشي ظاهرة التهريب على جميع الحدود شرقا وغربا وجنوبا؟
أين القارعون على الطبول من ازدهار تجارة الأسلحة بين عصابات المخدرات والمهربين؟ أين القارعون على الطبول مما كشفه برنامج في الصميم حول تجارة الأسلحة في حي راق بالعاصمة لا دخل للسلفية فيه؟ أين القارعون على الطبول من رائحة الجثث الخارجة من مقابر التاريخ السرية؟ أين القارعون على الطبول من تفشي المال المشبوه بين الأحزاب وبعض وسائل الإعلام؟ أين القارعون على الطبول من محاولات بعض رموز الفساد الإداري والمالي في العهد البائد من محاولة التسلل بأقنعة جديدة؟ أين القارعون على الطبول من محاولة اليائسين إلجام صوت الصحفي لطفي حجي وقناة الجزيرة؟
حروب عديدة ينتظر المواطن التونسي من نخبته الشريفة والإعلاميين أن يخوضوها معه ليستكمل مشوار الثورة التي بدأها وحده قبل أن يلتحق بها الجميع بعد السادسة مساء من عصر يوم الجمعة 14 جانفي.