بناء شكل تعاقد سياسي جديد وصياغة دستور توافقي والبت في ملفات رموز الفساد والدعوة لانتخابات في 30 مارس 2013 ..كانت نقاطا أساسية في برنامج الحكومة الذي سلمه رئيس الحكومة المؤقتة الى رئيس المجلس التأسيسي الثلاثاء الماضي.. تضمن البرنامج الذي قدمته للحكومة للمجلس التأسيسي عناصر كبرى تم تفصيلها في أبواب أساسية منها خاصة باب الإصلاحات الديمقراطية والحياة السياسية حيث أدرجت الحكومة في برنامجها مجموعة من النقاط الهامة في ما يتعلق بالإطار السياسية عامة والديمقراطية خاصة ومن بينها بعث الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وضرورة القطع النهائي مع مقدمات واسباب ونتائج منظومة الاستبداد وبناء تعاقد سياسي جديد تتضافر في إطاره جهود كل التونسيين لانجاز مسار الانتقال الديمقراطي ,وصياغة دستور جديد يعبر عن توافق التونسيين حول طبيعة النظام السياسي وملامح تونس المستقبل. إضافة الى الحرص على تكريس ادارة سياسية تشاركية والبتّ في ملفات القضايا العدلية لرموز العهد البائد والذين أجرموا في حق الشعب والشهداء والجرحى واتخاذ الإجراءات اللازمة لتتبع المتهمين الفارين إلى الخارج ومحاكمتهم».والاسراع في تطهير القضاء وتسريع اجراءات استرداد الاموال المهربة.. أما في ما يخص المتهمين الفارين الى الخارج فقد وعدت الحكومة بتتبعهم وتسليمهم الى العدالة وفي القطاع الاعلامي تعهدت باحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري للحفاظ على استقلالية الاعلام.
الأمن
في ما يتعلق بالمنظومة الأمنية في تونس تعهدت الحكومة بتطويرها وبناء أمن جمهوري يتلازم مع التنمية والديمقراطية يخدم المصلحة العامة ويسهر على أمن المجتمع والدولة ويحترم حقوق الإنسان والحريات الفردية والعامة..اضافة الى إعادة هيكلة وزارة الداخلية وفق المعايير الدولية المتبعة في المجال وتخليصها من بعض الاختصاصات التي فقدت موجبها بعد الثورة».. وفي ما يتعلق بالاصلاحات القانونية قالت الحكومة انها ستراجع القانون عدد 4 لسنة 1969 المتعلق بكيفية التعاطي مع المظاهرات والتجمهر والقانون الأساسي لقوات الأمن الداخلي لترسيخ حقوق الإنسان والكرامة».
مجتمع وسطي ومشهد ديني معتدل
وفي ما يتعلق بالمجال الديني ذكرت الحكومة انها ستسعى الى ترشيد الحالة الدينية على قاعدتي الاعتدال والوسطية وستضبط مقاييس ومعايير موضوعية لتسمية الأئمة..إضافة الى إعداد مشروع صندوق الزكاة وإعادة تفعيل الأوقاف على قاعدة الوضوح القانوني وشفافية وحيادية المؤسسة.
العدالة الإنتقالية
ذكرت الحكومة في الباب المتعلق بالعدالة الانتقالية انها ستسرع في معالجة ملف شهداء وجرحى الثورة بطريقة كريمة ومجزية وانها ستفعّل العفو التشريعي العام وتُعجّل بدراسة ملفات الاستبداد والفساد.. اضافة الى اطلاق حوار وطني وإنجاز استشارة وطنية في مجال العدالة الإنتقالية» و«عرض مشروع القانون الأساسي الخاص بالعدالة الإنتقالية على المجلس التأسيسي وترتيب معالجة الجرحى بالخارج وإعداد مشروع تنقيح للمرسوم عدد 120 لسنة 2011 المتعلق بمكافحة الفساد لمزيد تدقيق صلاحيات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد
حوكمة رشيدة
أعلنت الحكومة في برنامجها انها ستُحدث مجلسا أعلى يشرف على تنسيق ودعم عمل لجان المصادرة واسترجاع الأموال المهربة والتصرف فيها وستدعم بناء الأسس القانونية والهيكلية والترتيبية لحوكمة رشيدة تتلازم مع وضع الهياكل والآليات الضرورية لمكافحة الفساد.. اضافة الى الشروع في الإجراءات للإنضمام إلى عدد من المنظمات الدولية المختصة في استرجاع الأموال المهربة وإحداث مجمع شركات أو مؤسسة وطنية قابضة لضمان حسن التصرف في الأموال والممتلكات والشركات المصادرة وتسمية مسؤولين على الشركات المصادرة عوضا عن المتصرفين القضائيين.. كما تعهّدت باجراء المناظرات في القطاع العمومي في كنف الشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص وتوسيع قائمة الأشخاص المعنيين بمصادرة أملاكهم وفق آلية تضمن العدل والشفافية وحق الإعتراض» وتطوير أجهزة الرقابة الإدارية و»تخليص الإدارة من رموز الفساد.
وليد بناني : يجب تسويق البرنامج اعلاميا ليكون الشعب في الصورة
اعتبر وليد بناني(حركة النهضة) ان النقاط الموجودة في البنامج الذي قدمته الحكومة للمجلس التاسيسي كافية فهي تدعو الى اقامة حوارات وفتح الباب في الشان السياسي والشان العام لاختيار اليات تعاقد جديدة وفي ما يخص السلم الاجتماعي خاصة اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان الواقع السياسي في تونس في مرحلة انتقالية. وأضاف ان الملفات الحقيقية التي تتطلب اجراءات معمقة كاصلاح المنظومة التربوية والقطاع القضائي والادارة ...تتطلب منهجية واسلوبا جديدا يتمثل في المشاركة الواسعة لاتخاذ القرار مثل اسلوب الاستشارة الجهوية للتنمية..مشيرا الى ان الحكومة تكرس منهجا جديدا يتمثل في «الديمقراطية التشاركية « فهي لا تُسقط قرارات بل تعتمد مبدا التشاور والتشارك وهناك من يعتبر ان هذا المنهج سلبي وهدفه الاطالة في مدة الحكم ويكرس بطء القرار, لكن يجب نؤكّد على ان القرارات المصيرية لا يجب التسرع في اتخاذها . واضاف انه اذا التزمت الحكومة بهذا التمشي وسرعت خطى القرارات فهذا يعتبر كافيا في المرحلة الحالية , ويبقى التاكيد على وجوب ان تكون الالية متكاملة والاجراءات سريعة للقطع مع منظومة الفساد بدون تطهير اعتباطي ..كما يجب الاستفادة من الاراء الاخرى للحصول على «التوافقية» في ادارة الملفات . كما اشار البناني الى ان منهج الحكومة يحتاج الى مزيد من السرعة في ما يتعلق ببعض الاجراءات العاجلة وضرورة القيام بجهد اضافي في «تسويق اعلامي» لهذا البرنامج حتى يكون الشعب في الصورة.
محمد الحبيب الهرقام : جيوب الردة تعطل الامن
قال محمد الحبيب الهرقام (التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات)ان الثورة قامت على القطع مع الماضي وهذا مطلب شعبي حيث ان الشعب يطالب بشكل مستمر بالقطع من «ماض ارهابي و منظومة فساد وسرقة»..وأشار إلى ان هذه النقطة الموجودة في البرنامج الحكومي الذي تم تقديمه الى المجلس التأسيسي تعتبر رهانا أساسيا تعطّله بعض الجزئيات «الطبيعية» وجزئيات أخرى تتعلق بالعراقيل التي يتسبب فيها بعض المتنفذين في السلطة..اما في ما يخص الباب المتعلق بالأمن أوضح محمد الحبيب الهرقام ان التكتل اقترح تشكيل هيئة لمراقبة الامن خاصة وان المعطى الأمني حساس جدا ارتباطا بالاضطرابات التي تحدثها جيوب الردة و قوى الجذب الى الوراء ..واعتبر ان هذه العناصر لا تعيش الا في «جو موبوء «. وأشار الهرقام الى ان هذه النقاط المدرجة في البرنامج يتطلب انجازها بعض الصبر متمنيا ان يتحلى الشعب بالصبر حتى تتمكن الحكومة من انجاز ما وعدت به. وفي ما يخص النقاط التي يرى حزب التكتل ان وجودها ضروري في برنامج الحكومة «بعث لجنة تحقيق في كل وزارة « تبحث في ملفات الفساد وتكون هذه اللجان محايدة مهمتها الاساسية تنقية كل الجهات من الفساد.
محمد براهمي : القضية ليست «اعلان نوايا» بل تطبيقها
قال محمد براهمي (حركة الشعب) ان صياغة النقاط المتعلقة بالشان السياسي في برنامج الحكومة تجيب عن كل التساؤلات وكل ما نامله «الصدقية في العمل والانجاز كما هو موجود في البرنامج» ..مشيرا الى ان القضية لا تتجاوز مستوى اعلان النوايا بل تتجاوز ذلك الى الانجاز. وأضاف ان إرساء التشاركية والإصلاحات في سياق الديمقراطية ...كلها انتظارات محمودة و كل الامل في تجسيدها في سياق ممارسة فعلية..لكنه أشار إلى انه من بين النقاط التي كان يجب التركيز عليها في هذا البرنامج هي «استقلالية الإدارة» فهذا الجزء كان غير واضح وكان يجب التأكيد على «إصلاح الإدارة بما يتضمن حيادها» ووضع آلية تعفي البلاد من إعادة إنتاج النظام السابق في طريقة تعيين الولاة والمعتمدين. وختم محمد براهمي تعليقه عن محتوى برنامج الحكومة بالآية الكريمة «كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون».