هام/ نسبة امتلاء السدود تبلغ 55 بالمائة..    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    غوارديولا: ''أحب تونس أقدر موهبة شمال إفريقيا''    مجموعة beIN الإعلامية تجدد حقوق البث الحصري للدوري الإنجليزي الممتاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى عام 2028    عرفها التونسيون في قناة نسمة: كوثر بودرّاجة حيّة تُرزق    وزارة الصحة توجه نداء هام للمقبلين على الزواج..#خبر_عاجل    الشكندالي: اتساع رقعة الحرب.. يهدد ميزانية الدولة ويُفاقم العجز الطاقي    هام/ هذه أسعار السيارات الشعبية في تونس لسنة 2025..    مأساة جديدة قبالة السواحل الليبية: فقدان أكثر من 60 مهاجراً    الحماية المدنية تتدخل لإخماد 198 حريقاً خلال 24 ساعة فقط    عاجل: تقرير يكشف 62 حالة تجاوز أخلاقي وإداري تهز وزارة الهجرة الكندية    رسميا: النادي الإفريقي يكشف عن أولى صفقاته    مهاجم النادي الصفاقسي سابقا يخوض تجربة إحترافية جديدة    تونس تشتعل حرًّا: درجات حرارة قياسية تتجاوز 47° تحت الشمس    الستار يسدل اليوم على ''السيزيام'' 2025    المنستير تتقدم: زيادة في الإقبال السياحي وتطوير مستمر للخدمات    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    تونس تُصدر زيت الزيتون إلى أكثر من 60 دولة    9 فواكه تناولها يوميًا لطرد السموم من الكبد والكلى..تعرف عليها..    عاجل/ إيران تستهدف طائرة حربية إسرائيلية بصاروخ "سطح جو"..    ميناء حلق الوادي: وصول باخرتين سياحيتين تقلّان قرابة 9500 سائح    قافلة للحزب الدستوري الحر نحو سجن بلِّي بنابل تضامنا مع عبير موسي..    استشهاد 30 فلسطينيا في قصف صهيوني على منتظري المساعدات ومنازل وخيام غزة..#خبر_عاجل    كأس العالم للأندية: التعادل يحسم مواجهة إنتر ميلان الإيطالي ومونتيري المكسيكي    تونس تحتضن بطولة العالم لكرة اليد الشاطئية للناشئين تحت 17 سنة بمدينة الحمامات    إيران تعلن تفكيك خلية تجسس تابعة للموساد في طهران    خامنئي يعلن بداية المعركة.. ويدعو للرد بقوة على إسرائيل    كأس العالم للأندية 2025 : صن داونز الجنوب أفريقي يهزم أولسان هيونداي الكوري 1-صفر    العرب في قلب الحدث: أبرز مواجهات اليوم في كأس العالم للأندية ...التوقيت    أحمد ونيس: مخاطر التدخل الأميركي في الحرب تُهدّد بتصعيد عالمي    تونس تتسلم دفعة تضم 111 حافلة جديدة مصنعة في الصين    3'' حاجات'' لا تخرج من المنزل بدونها فى الطقس الحار    علاش يلسعك إنت بالذات؟ 5 أسباب تخليك ''هدف مفضل'' للناموس!    أطعمة تزداد فائدتها بعد التبريد: مفاجآت صحية في ثلاجتك!    عاجل/ اضراب بيوم في "الستاغ"..    لماذا رفضت وزارة العدل توثيق الطلاق لدى عدول الإشهاد؟    صاروخ ''فتاح'' يثر الرعب ...يتخفى و يناور ...شنية حكايتوا ؟    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    واشنطن قد تدخل الحرب وطهران تتوعد    50 مقاتلة تشن غارات بطهران وصواريخ "فتّاح" تستهدف إسرائيل للمرة الأولى    إختيار 24 عينة فائزة في الدورة الثامنة لجائزة أحسن زيت زيتون تونسي بكر ممتاز    مع تراجع المستوى التعليمي وضعف التقييم...آن الأوان لإجبارية «السيزيام»؟    ضاحية مونمارتر تحتضن معرض فني مشترك بين فنانة تونسية وفنانة مالية    "عليسة تحتفي بالموسيقى " يومي 20 و 21 جوان بمدينة الحمامات    صفاقس: تنظيم يوم الأبواب المفتوحة بمركز التكوين والتدريب المهني بسيدي منصور للتعريف بالمركز والإختصاصات التي يوفرها    الدورة الأولى لتظاهرة "لقاءات توزر: الرواية والمسرح" يومي 27 و28    اصدارات جديدة لليافعين والاطفال بقلم محمود حرشاني    حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف    قفصة : حلول الرحلة الثانية لحجيج الولاية بمطار قفصة قصر الدولي وعلى متنها 256 حاجا وحاجة    الطقس اليوم: حرارة مرتفعة..وأمطار مرتقبة بهذه الجهات..    موعد إعلان نتائج البكالوريا 2025 تونس: كل ما تحتاج معرفته بسهولة    عاجل/ 6 سنوات سجن في حق هذا النائب السابق بالبرلمان..    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنات أفكار : 9 أفريل 2012
نشر في الشروق يوم 10 - 04 - 2012

تبدو الأمور في هذا اليوم وكأنّها صدى ليوم مضى منذ 74 عاما. مازال من الممكن القول إنّ التونسيّين الذين خرجوا مطالبين ببرلمان تونسيّ وحكومة وطنية يوم 9 أفريل 1938،


وسقطوا برصاص البوليس الفرنسيّ لم يهنؤوا في قبور الشهادة التي استراحوا فيها منذ ذلك الوقت، وأحفادهم من أبناء الوطن تحت سياط البوليس «الوطنيّ»، وأنفاسهم تحتبس بفعل غازاته المسيلة للدموع والأرواح.

منذ الصباح توافدت التونسيّات والتونسيّون إلى شارع محمّد الخامس وشارع الحبيب بورقيبة لإحياء ذكرى الشهداء. على أنّ وزارة الداخليّة بدت مصرّة على منع التظاهر في الشارع الكبير، فيما يقول المتظاهرون إنّ شارع بورقيبة ملك عموميّ للشعب التونسيّ، وله رمزيّة خاصّة ليس لقرار وزاريّ مهما تكن مبرّراته أن يحول بين التونسيّين وبينه. وإذن، فقد واجهت قوّات الداخليّة المتظاهرين والمارّة بقدر لا يستهان به من العنف والقمع شاركت فيه القوات النظاميّة مدعومة – وهذا هو الخطير – بميليشيات مشبوهة بعضها راجل وبعضها على دراجات ناريّة تجوب الأنهج والأزقّة لتفريق المتظاهرين أو لتأليب الغوغاء على شخصيّة من الشخصيّات السياسيّة أو الحقوقيّة أو الثقافيّة.

ومن المحزن والعار حقّا أن يؤلّب هؤلاء المنحرفون التائبون والوشاة السابقون العائدون إلى «الخدمة» من جديد – أن يؤلّبوا الغوغاء الجاهزين لملاحقة مناضلي الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان، وسائر الحقوقيّين والسياسيّين والمثقفين والإعلاميّين، وهم يصيحون: يا تجمّعي.. يا أيتام بن عليّ !!.

عار حقيقيّ أن ينسحب البوليس في أوقات معلومة، وتتكفّل الميليشيّات المشبوهة بتأديب أحد المتظاهرين ليناله ما طاب من إهانات واعتداءات بالصفع والركل.
يوم 9 أفريل 2012 يوم له نظير في الماضي البعيد، أهدتنا فيه الحكومة «الشرعيّة» و«المنتخبة» قطعة من العذاب منتهية الصلاحيّة. وما كنّا نتصوّر أن تبلغ العنجهيّة والجحود لتعيد إلى أذهاننا ذكريات سيّئة جاهدنا في نسيانها، ورغبنا في القطع معها.

وما كنّا نتصوّر أنّ مناضلين أنفقوا أعمارهم في مقارعة الاستبداد والدفاع عن حقوق أبناء الشعب بمن فيهم سجناء «الإسلاميّين» يلقاهم بوليس الحكومة الثوريّة وميليشياتها بالضرب والصفع والإهانة والتنكيل.

إزاء مواطنين يتظاهرون سلميّا، ويحتفلون على طريقتهم بعيد الشهداء، ضربت قوات البوليس في الشارع الكبير وفي الأنهج والأزقّة الفرعيّة بل وطاردت المتظاهرين والمارّة حتّى باب الخضراء وساحة الجمهوريّة وشارع محمّد الخامس. وهذا ما لم تفعله «داخليّة» نظام بن علي. ولم تعف الاعتداءات الوحشيّة متظاهرة أو متظاهرا ولا حتّى المارّة من نساء وشيوخ وأطفال كانوا يعبرون المكان في الوقت الخطإ. ووزّعت على الجميع بعدالة قلّ نظيرها، يمينا وشمالا، هراواتها وغازاتها وأقدام أعوانها وقبضات أيديهم. ولم ينج من هذه الهبّة المريبة صحافيّون يقومون بواجبهم المهنيّ، حتّى دعا أحدهم وكان بزيّ مدنيّ بصوت عال: ينبغي إخلاء شارع بورقيبة من الجميع، ومن شاء أن يقرأ الفاتحة على الشهداء فليلتحق بالحكومة في السيجومي !

يوم 9 أفريل 2012، في الحاضرة التونسيّة المحروسة مدينة تغرق في ضباب كثيف من الغازات المسيلة للدموع، ومواطنون يفترشون الإسفلت تحت أرجل المارّة الهاربين في كلّ حدب وصوب.. كلّ من وُجِد في ذلك المكان، وفي ذلك التوقيت بالذات، ناله يوم مختلس من أيّام عاشها قبل 14 جانفي، يوم زيد عليه شيء أخطر هو هذه الميليشيات من ذوي الهراوات والألسنة السليطة يشتمون الناس ويلعنون أمّهاتهم !

كذلك هي بوادر الفاشيّة. فاشيّة لها رصيدها البلاغي كالشرعيّة والصناديق والأغلبيّة والرأي العامّ والنضاليّة. حين يجتمع قوم على «ضلالة»، ويكون السمع والطاعة للحزب والحركة من أجل الاعتداء على المختلف بتخوينه وطنيا وتكفيره دينيّا – نكون، حينها، إزاء الفاشيّة باعتبارها ظاهرة قابلة للتكرار بأشكال مختلفة سواء منها الإيديولوجيّة الدوغمائيّة أو الدينيّة المغلقة.

مرتزقة مأجورون تحت الطلب إلى جانب ميليشيّات «حزبيّة» يجتمعون في حركة نموذجيّة تختلط فيها الأفكار المسبقة والأحقاد النفسيّة والثارات الوهميّة والديماغوجيا المعادية للمختلف.

وبعد أن جرّبوا شيطنة الآخر بإظهاره في هيئة الأبالسة من أجل تبديعه وطرده من الملّة دينيّا، ها هم الآن يخوضون الخطّة الثانية وهي تخوين الآخر بإظهاره من أزلام النظام السابق أو التجمّع المنحلّ. وكانت صيحات الميليشيّات والغوغاء خلف أحرار تونس من مناضلي الوقت الصعب تنفيذا لهذه الخطّة.
يوم 9 أفريل 2012 نحن بالتأكيد الآن.. لا قبل 74 عاما !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.