انتشرت يوم أمس في عدة صفحات تونسية مقالات تهاجم بلحسن الطرابلسي، شقيق زوجة الرئيس المخلوع على إثر الرسالة التي يقال إنها وجهها إلى الشعب التونسي يعبر فيها عن رغبته في العودة إلى تونس والمثول أمام القضاء. لم تتوقف حملات العداء بين النهضة ومعارضيها، لكن أغلب الناشطين في الموقع الاجتماعي وجدوا في رسالة بلحسن الطرابلسي مادة دسمة للتعبير عن غضبهم من نسق تتبع الأشخاص المطلوبين في قضايا الفساد المالي والحكومي، وخصوصا أصهار الرئيس المخلوع وأقاربه. ورغم أنه لا يوجد رسميا ما يفيد عودة بلحسن إلى التراب التونسي للخضوع لإجراءات الإيقاف التحفظي والتقديم إلى القضاء، فقد عاد الكثير من الناشطين التونسيين من مختلف التوجهات الفكرية والسياسية للحديث عن موضوع «العائلة المالكة» وخصوصا بلحسن الطرابلسي، الذي يعتبره التونسيون رأس الحربة في نظام الفساد المالي والنهب للممتلكات العمومية الذي أقامه بن علي وزوجته. كما عاد عدة ناشطين إلى البحث والتنقيب في عشرات المواقع الأوروبية والكندية بحثا عن وثائق ومقالات تذكر بأن بلحسن الطرابلسي وشقيقته ليلى استمرا رغم ما يقال رسميا من وجود تتبع قضائي ضدهما في استثمار الأموال الطائلة التي هرباها خارج البلاد، وفي تحريك مبالغ مالية طائلة بين بنوك سويسرية وأوروبية وشرق أوسطية وغيرها. وإذا كان أغلب التونسيين في الموقع الاجتماعي يتفقون على مهاجمة كل من له علاقة قرابة أو تحالف مع «العائلة المالكة»، فإننا بدأنا نرى بعض الاختلاف هذه المرة، حيث يستغل نشطاء المعارضة مسألة عودة بلحسن الطرابلسي إلى تونس لانتقاد الحكومة بتهمة التقصير في ملاحقته قضائيا وسياسيا في كندا أو في سويسرا وعدة دول أوروبية حيث يضع أقارب بن علي بعضا من الأموال الطائلة التي حولتهم خلال سنوات قليلة من مواطنين بسطاء يلاحقون أسعار المواد الغذائية إلى أعلى قائمة الثراء الفاحش. وينطلق ناشط من اليسار في استعراض الدول الخليجية التي آوت أصهار بن علي وأقاربه حاملين معهم ثرواتهم دون أن يسأل عنهم أحد. كما ينشر نشطاء المعارضة في صفحاتهم، ومنهم حقوقيون معروفون مقالات تتهم الحكومة بعدم الجدية في التحقيق في الفساد المالي والإداري الذي تورط فيه أصهار بن علي وأقاربه، خصوصا وأن كثيرين منهم لم يطلهم التحقيق بعد، رغم ما يعرفه الجميع من جمعهم ثروات طائلة في وقت وجيز لا يمكن تفسيره إلا باستئثارهم بثروات البلاد والأملاك العامة واستغلالهم لعلاقات المصاهرة لتكوين تلك الثروات، فيما كان الشعب التونسي يغرق في الجوع والديون والبطالة. ويذهب خصوم الحكومة إلى أبعد من ذلك في معالجة موضوع رسالة بلحسن الطرابلسي وطلبه العودة بنشر مقالات تزعم أنه سوف يفلت من السجن مثل كثير من المتهمين بالإثراء غير المشروع. يكتب مناضل حقوقي شاب في صفحته: «أخشى ما أخشاه هو أن جيشا من المحامين البواسل سيتجند للدفاع عن بلحسن الطرابلسي فيخرج براءة، ويكتشف الشعب التونسي أنه كان مظلوما وأن ما جمعه من ثروات كان من فضل ربي، فيقول له الجميع: ونعم بالله، وينتهي الأمر». بالتوازي مع ذلك، ثمة سيل من العنف اللفظي ينشر في الصفحات التونسية ضد بلحسن الطرابلسي تعليقا على رسالته ورغبته في العودة إلى تونس، وأغلب تلك التعاليق غير قابلة للنشر لما فيها من محتوى مخالف للقانون، لكنه يكشف عن غضب هذا الشعب من بطء التغيير الذي ضحى من أجله، ومن خوفه من إفلات أولائك الذين يتهمهم الجميع من العقاب والمساءلة.