قامت الثورة الفرنسية في 1789 وأفرزت نخبا استطاعت أن ترسي بسفينة فرنسا على بر الأمان وأدت إلى ظهور مبادئ جديدة هي مبادئ حقوق الإنسان والمواطن وأدت إلى ظهور مجتمع ديمقراطي يحترم الحريات ويقدس المساواة
وعالجت المشاكل التي من أجلها قامت الثورة والمعادلة لم تكن صعبة في تلك الفترة باعتبار أن الثورة قادتها نخب أطلق عليها فلاسفة أو مفكري الأنوار ولأن كل الفرنسيين انذاك احتكموا إلى مبدإ المصلحة العليا للوطن اتجهت ثورتهم إلى الاتجاه ا لصحيح رغم ظهور الثورة المضادة ورغم الصعوبات والعراقيل من أعداء الثورة أما ثورتنا فقد انطلقت عفوية دون قيادة قادها شبان عانوا من البطالة والتهميش ما فجّر غضبهم ومن يقول عكس ذلك فهو واهم ولكن الكل أراد الركوب والالتفاف عليها فظهرت وجوه كانت تُصفّق للتجمع وقدمت نفسها على أنها حامية للثورة وظهرت وجوه كانت صامتة ومهادنة وأصبحت تعربد وتصيح في الشوارع غير عابئة بمصلحة البلاد وظهرت وجوها تتطاول على المناضلين الحقيقيين الذين دخلوا السجون وقالوا لا لبن علي في أيام الجمر وغلبت المصالح الذاتية والأنانية على المصلحة العليا للوطن وأصبحت تونس كالجثة التي تنهشها الكلاب من كل جانب ودخلنا في سجال أنسانا المطالب الحقيقية التي قامت من أجلها الثورة وهي التشغيل والتنمية ولإسكات الأفواه اخترعت لنا حكومة الغنوشي ومن بعدها السبسي عمل الحضائر وتم إهدار المال العام وأرهقت خزينة البلاد فآلاف المليارات تصرف اليوم على الحضائر وأغلب المتمتعين والمتمعشين من هذه البدعة نائمون لا يعملون رغم بنيتهم الجسدية القوية بل يتمتع بهذا الامتياز أصحاب السوابق العدلية فحتى شوارعنا غطتها أكوام الفضلات ولا عامل من هؤلاء تم استغلاله على الأقل في نظافة المدينة وكما كانت ثورتنا عفوية دون قيادة كانت نتائجها هزيلة على الأقل إلى حد الآن لأنه ينقصها التأطير مما فتح الباب أمام الأنانيين وأصحاب المصالح الضيقة للإثراء أكثر ما يمكن فكما لكل حرب أثرياء فللثورات أيضا أثرياء وانتهازيون فثورتنا في حاجة إلى نخب تحميها والنخب وجدت ولكن دعوها تعمل حتى لا تنحرف ثورتنا إلى الدكتاتورية من جديد.