ما تزال «مبادرة السيّد الباجي قائد السبسي» تُلقي بظلالها لا فقط في دائرة أطياف المعارضة السياسيّة بل كذلك في دائرة السلطة الحاكمة ومكوّناتها.
هذه المبادرة التي مرّت إلى مرحلتها الثانية نهاية الأسبوع المنقضي بإعلان مكتب قيادي مركزي لها قدّمت منذ مرحلة الأولى (بيان 26 جانفي 2012) خارطة طريق في كيفيّة معارضة السلطة الحاكمة التي وجدت نفسها في حرج كبير أمام الزخم الّذي لقيته العناوين الرئيسيّة لتلك المبادرة فسارعت إلى التفاعل الإيجابي معها - في محاولة ربّما لسحب البساط من تحت القائمين عليها- حيث أكّدت أطراف الترويكا التزامها بحدود المرحلة الانتقاليّة الثانية وقبولها المبدئي بتحديد موعد للانتخابات القادمة والّذي من المرجّح أن يكون بين ربيع وصيف السنة القادمة. ضغطت «مبادرة السيّد الباجي قائد السبسي» أكثر ممّا ضغطت بقية أطراف المعارضة من أحزاب وإئتلافات وحقّقت حراكا سياسيّا يستشرف ضرورة وجود «قوّة معارضة» قادرة على منافسة الترويكا مستقبلا وتأمين السبيل لتوازن سياسي ضروري لتحقيق التداول السلمي على السلطة ومن ثمّ إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي، ومن المؤكّد أنّ هذا المعطى هو الّذي دفع بجميع أطياف المعارضة السياسيّة البارزة في الواجهة إلى «مباركة سي الباجي» ومبادرته التاريخيّة على اعتبارها «الأمل المتبقّي» لتوحيد الصفوف وتكوين «قوّة انتخابيّة وسياسيّة» ذات فاعليّة ونجاعة.
لكن بحسب متابعين ومحلّلين فإنّ هذه المبادرة محكومة بعدد من الرهانات والتحديّات ، من أبرزها: مدى نجاحها في تجميع قوى دستوريّة ويساريّة وحداثيّة ووجوه مستقلة وسيرهم جميعا في طريق موحّدة ووفق برنامج ورؤى وتصورات واضحة. قدرتها على التهيكل التنظيمي مركزيّا وجهويّا ومحليّا وفي كلّ حيّ حتّى تكون قادرة فعلا على منافسة «الخصم الأبرز» في الترويكا»(حركة النهضة) الذي يتمتّع بانتشار واسع وهيكلة متينة عبر مختلف أنحاء الجمهوريّة بمدنها وأريافها وقراها. تمكّنها من كسب رهان الزعامة ، عبر تصعيد شخصيّة كاريزماتيّة تكون محلّ وفاق وإجماع واسع من جميع المنتصرين لمبادرة الباجي ، وهذا بن يكون أمرا يسيرا إذا لم يتولّ «سي الباجي» نفسه المهمّة في ظلّ وجود أسماء معارضة تدّعي «الزعامة» وتحمل طموحات سياسيّة كبيرة على غرار السادة أحمد نجيب الشابي وكمال مرجان وأحمد إبراهيم وياسين إبراهيم والطيّب البكوش وفوزي اللومي فكلّهم يتطلّعون إلى الحكم والسلطة (خاصة على مستوى رئاستي الدولة والحكومة).