تفاعلا مع ما كنّا قد نشرناه في «وجها لوجه» بين عبد الرؤوف العيّادي أمين عام حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (شق العيّادي) وعماد الدايمي الناطق الرسمي باسم المؤتمر (شق الدايمي) اتصل بنا السيد العربي بن حمّادي عضو المجلس الوطني للمؤتمر لينتقد الشقّين. وصرّح بن حمادي ل«الشروق» أنه فكّر في تعليق عضويته لكن ما جدّ من تطورات صباح الأحد في قابس دفعه إلى التراجع عن ذلك. وأوضح أن للفريقين أخطاء لكن شق العيّادي يظل الأقلّ خطأ. أخطاء ردّا على سؤالنا حول تلك الأخطاء قال «شق العيّادي أخطأ حين لم يشرّك الجهات في قرارات المجلس الوطني المضيّق وأخطأ حين صرّح بأنه سيتخلّى عن المرزوقي في الانتخابات الرئاسية القادمة فهذا يعدّ خطأ سياسيّا ثمّ من قال لهم إنّ المرزوقي يفكّر في الترشّح للرئاسة في الانتخابات القادمة أمّا بالنسبة الى خصوم العيّادي فإنهم أخطؤوا حين لم يقدموا اضافة للحزب من ذلك هيكلة قاعدته هم لا يفكرون في الحزب أصلا ولم يحاولوا تقديم أي جديد على عكس العيّادي الذي حاول الاضافة». كما قال بن حمّادي أيضا إنّ العيّادي له مبادئ وله مقترحات لم يردّ عليها شق خصومه «لأجل هذا أنا أساند العيّادي وقد كنت قبل الاحد أفكّر في تعليق عضويتي بسبب أخطاء الشقين لكن ما جدّ من تطوّرات في اجتماع قابس صباح الأحد الماضي دفعني الى التراجع عن قراري لأن ما حدث تجاوز حدود أخلاقيات التنافس الداخلي». وفي ما يلي رد بن حمّادي، الذي وصلنا عبر البريد الالكتروني، ننشره كما هو «كان حزب المؤتمر، قبل الثورة، حزبا محظورا ومطاردا. وكان مجرد الاقتراب من مؤسسيه قد يكلف ثمنا باهظا. لذا بقي هذا الحزب محصورا في بضعة أفراد .. وبعد الثورة، استطاع بناء قاعدة انتخابية، في وقت وجيز، جعلت منه القوة الثانية بعد النهضة، رغم ضعف الإمكانيات. وقد لعب الدكتور المرزوقي دورا حاسما في بلوغ هذه النتيجة المعتبرة. غير أن هذا الأخير كان مدركا انه من غير الممكن التوفيق بين بناء حزب مهيكل والفوز في الانتخابات في نفس الوقت. ففضل السباق الانتخابي. وحتى المؤتمر الاول للحزب الذي عقده الحزب، بعد الحظر عليه، لم يكن مؤتمرا انتخابيا وتخللته عديد الممارسات المشينة، لبعض من اعضاء المكتب السياسي، سنذكرها في سياق هذا الحديث.. لذا حافظ هذا الحزب على هياكل مركزية وجهوية وقتية غير منتخبة وغير مستقرة وأحيانا لا تمثل شيئا يذكر. كما انه لم يشكل هيكلا وسطيا (مجلس وطني)، يربط بين المكتب السياسي وبقية الهياكل. فأصبح المكتب السياسي السلطة المطلقة وهو أمر مخطط له. تأكد ذلك في عمليات تجميد متتالية أشهرها تنصيب السيد هميلة أمينا عاما على رأس الحزب، لمدة يومين، في ليلة مشهودة، استعملت فيها طرق لا تليق إلا بعصابات المافيا. وقد كنت شاهد عيان على الواقعة، ومن عمق الصدمة، عبرت عنها بمقامة شعرية ساخرة». سلوك المكتب السياسي «لكي نكون صريحين فان تخبط الحزب، هو نتيجة منطقية لسلسلة من السلوكيات الغريبة لما يسمى بالمكتب السياسي. ولنبدأ من البداية لأقول أن تشكيل بعض الهياكل الجهوية كان على مقاس بعض نواب ووزراء اليوم . فهذه جهة يترشح فيها الزوج وزوجته وأخرى الأب وابنته الخ... فعوض أن يكون المكتب السياسي قدوة كما فعل المرزوقي ،فانه مثل مدرسة للوصولية والانتهازية، واذكر أن في مؤتمر القيروان الذي حضرت فيه كعضو مجلس وطني (الذي اختفى بفعل فاعل فيما بعد) حدثت ممارسات يندى لها الجبين، منها أن احد أعضاء المكتب السياسي قدم من جهة ما وفي صحبته 14عضوا مؤتمرا، لاعتقاده انه سيكون مؤتمرا انتخابيا وهو ما لم يتم لأسباب سياسوية. علما أن العدد المحدد لكل الجهات هو 7 مؤتمرين. وللتذكير فان نفس هذا العضو المؤسس سبق ان قاطع الحزب على اثر رفع الحظر عليه ولم يعد إليه الا بعد بضعة أشهر، بعد ان فشل في البروز في بؤر اخرى. وعلى هامش مؤتمر القيروان فان النظام الداخلي للمؤتمر وقع صياغته من طرف عضوين من المكتب السياسي، بطريقة مستعجلة ومشبوهة، وقد صرح المرزوقي في اجتماع للمكتب السياسي قائلا: ان القصد من هذا النظام الداخلي هو ضربي والعيادي. ومن غرائب هذا الحزب انه تسربت من مؤتمر القيروان نسختان مختلفتان لنظامين داخليين. وهو أمر غريب وممارسات سيئة. كل هذه الأفعال، تسربت الى القواعد التي اصبح البعض منها يتصرف وكأنهم أعضاء بالمكتب السياسي، فتارة مع هذا الطرف وتارة مع الطرف الاخر. مما خلق جوا من البلبلة والفوضى، تلاحظها حالما تطأ قدماك مقر الحزب الذي أصبح وكرا لكل من هب ودب وقد كتب في ذلك الدكتور المرزوقي مقالته الشهيرة : «النجدة انها الفوضى في المؤتمر». فوضى مقننة «هذه الفوضى مقننة لان ثلاثة اعضاء على الاقل من المكتب السياسي كونوا مليشيات تابعة لهم و قد كنت شاهد عيان على احداها بمدينة قابس يوم الاحد 29افريل . فلقد حاصرتنا في احدى المنتزهات مستعملة الوعيد والتهديد يقودها احد اعضاء مكتب قابس (التقيته منذ حوالي شهر بغية تفعيل الجهات) الموالي لنائب المؤتمر بالمجلس التاسيسي . علما ان هذا المكتب فرضه عضو من المكتب السياسي يشغل اليوم خطة وزير من المنتمين سابقا لحركة النهضة. وعلى سبيل حركة النهضة ،وعلاقتها بحزب المؤتمر، فلا وجود لدليل جدي يثبت تورطها في تفكك حزب المؤتمر لكن من الواضح ان عديدا من اعضاء المكتب السياسي لحزب المؤتمر يراوحون بين المؤتمر والنهضة ويعمدون الى اسداء خدمات للنهضة لا ترغب فيها (مشروع المأذون العدلي) وذلك للمحافظة على مصالحهم وتوقيا من تقلبات الايام. وامام هذا الانخرام واستقالة المكتب السياسي، بادرت شخصيا الى ايقاظ الجهات من نومها. فكان اجتماع اول بقابس لخمس جهات ثم اجتماع ثان بالقصرين لعشر جهات كان بناء وثمن مجهود العيادي للهيكلة وطالب بتشريك الجهات ولم يلق هذا النداء صدى لنا، شقي المكتب السياسي. فعقد اجتماع ثالث بالقصرين طغى عليه التدليس والتجييش من المكتب السياسي شق هميلة كما وقع تجاهله من شق العيادي. لقد فقد الحزب الثقة لجزء كبير من ناخبيه لأنه لم يحقق ما وعد به باستثناء ما نشهده من تطاحن وتكالب على شغل المناصب. فهل يستعيد الحزب عافيته؟ ام ينقسم؟ ام يتهمش؟ ..الايام كفيلة بالإجابة عن هذه التساؤلات».