بعد نجاح التظاهرات السلمية في عيد العمال في العاصمة وأغلب المدن الكبرى، جدد بعض نشطاء السياسة في الصفحات التونسية حملات الصراع اليومي وإضرام النيران وبث الفوضى والأخبار الزائفة في إطار الحرب التي لا تنتهي في بلادنا بين اليمين واليسار. من الواضح، من خلال العديد من الصفحات التونسية المعروفة بتسيسها المفرط، أنها قد أصيبت بخيبة أمل لأن المشاركين في تظاهرات عيد الشغل لم «يأكلوا بعضهم» كما أراد لهم البعض. ناشطون كثيرون راهنوا للأسف على إشعال نيران العنف في عيد الشغل، واستعملوا كل الوسائل لتحريض المتظاهرين على العنف، لكن لا شيء من ذلك حدث. لقد أكدت الأغلبية المطلقة من الشعب التونسي مرة أخرى أنها تريد التعايش بسلام والتقدم بالوطن بدل القتال والفتنة والعنف، ورغم هذه الحقيقة فقد قرأنا يوم أمس في عدة صفحات معروفة من طرفي الصراع التاريخي أي المعارضة وأنصار النهضة قراءات معارضة تماما لما أراده عموم الشعب من الاحتفال الجماعي بعيد الشغل. صبيحة الأمس، كتب الزميل التونسي المهاجر بسام بونني في صفحته تعليقا طريفا موجها إلى أشخاص نعرفهم جيدا في الصفحات التونسية دون أن يسميهم: «صباح خيبات الأمل (ثمة ناس داخت كيف ما صار شي البارح) ! صباح التحاليل الكروية (ثمة ناس تحلّل في تحركات البارح بمنطق شكون كوّر بشكون ووقتاش ماتش الباراج). وكتب زميل آخر ساخرا: «ثمة زعماء في السياسة لا يمكن أن يعيشوا إلا في وسط فتنة، ولا دور لهم إلا وسط الخراب»، فيما نشر مثقفون كثيرون مقالات وآراء تتحدث عن الدور السلبي الذي أصبح يقوم به الموقع الاجتماعي لأنه يسمح لمن هب ودب بنشر الفتنة دون أي حساب أو خوف أو تردد، «رأس ماله اسم مستعار وكم هائل من الحقد على الشعب أو جزء من الشعب»، كما قرأنا في صفحة أستاذ جامعي في علم الاجتماع. وفي نفس المجال، كتبت مناضلة حقوقية: «بين الروح الجميلة التوافقية التي عشناها يوم أمس في شارع بورقيبة وبين ما ينشره البعض هنا فارق كبير، التفسير الوحيد هو أنه ثمة من يتآمر على السلم الاجتماعي في البلاد، مصيبة هذه البلاد في نخبها». صور كثيرة جميلة تم نشرها يوم أمس عن مظاهر التصرف الحضاري بين التونسيين، مثل صور السياح السعداء ناشطون كثيرون نشروا مقاطع فيديو لشباب ينادي في تظاهرات عيد الشغل: «قسمتونا، قسمتونا»، في إشارة إلى من يريد أن تتحول كل مناسباتنا الوطنية إلى مواجهات بالغاز والدموع والهراوات. لكن حتى مثل هذه الاستغاثة يتم توظيفها سياسيا في بعض الصفحات، حيث ينشرها بعض أنصار اليسار على أن من «قسمنا» هم أنصار النهضة بحجة أنهم يقسمون التونسيين إلى كفار ومؤمنين، كما ينشرها أنصار النهضة ضد اليسار بحجة أن اليساريين يحاربون معتقدات الشعب التونسي ومقدساته. وفي مقابل استغاثات «قسمتونا»، نقرأ يوم أمس عدة أخبار لا تحتاج إلى أي اجتهاد لنعرف أنها مفبركة، ولا قصد لها سوى التحريض وإبقاء نيران التوتر والعنف حية. وكتب ناشط شاب ساخرا من الذين أصيبوا بخيبة أمل لأن التظاهرات كانت سلمية: «علمنا من مصدر مطلع أنه قد تم فتح بحث تحقيقي لمعرفة الأسباب التي تقف وراء التصرف الحضاري للشعب التونسي يوم أمس، وهو تصرف يهدد مستقبل العديد من السياسيين ويضع مشاريعهم في حالة خطر».