كما كان متوقعا... صعد الاشتراكي هولاند الى سدّة الحكم في فرنسا وسقط اليميني ساركوزي وبذلك تكون فرنسا قد اتجهت الى اليسار قاطعة بذلك مع عقدين من حكم اليمين. ولئن كانت الحملة الانتخابية بين مختلف الفرقاء بدءا بالدور الاول ووصولا الى الدور الثاني الحاسم بين هولاند وساركوزي قد تركزت اساسا على المسائل والقضايا الداخلية لفرنسا، فإن ذلك لا يعني ان الشأن الاقليمي والدولي الذي تم تغييبه حتى الآن سيتوارى من جدول اهتمامات الرئيس الفرنسي الجديد.
وبالفعل فإن هناك مواعيد ضاغطة وقضايا ملحّة سوف لن تترك للرئيس الاشتراكي متسعا من الوقت لالتقاط أنفاسه ولإعادة ترتيب أوراقه. وفي طليعة هذه المواعيد قمة دول حلف شمال الاطلسي بجدول أعمالها المثقل من افريقيا الى افغانستان مرورا بالعلاقات الجديدة مع روسيا بعد عودة بوتين الى حكم روسيا... وكذلك قمة الدول الثماني الكبرى بملفاتها الحارقة وذات الصلة العضوية بالأزمة الخانقة التي تعصف بالاقتصاد العالمي. هذا دون نسيان ضرورة ترميم العلاقة مع الشريك الالماني وخصوصا مع انجيلا ميركل التي لم تكن تخفي حماسها للمرشح اليميني ساركوزي.
القضايا لا تقف عند هذا الحد بل ان المجال الاقليمي لفرنسا وتحديدا جنوبي المتوسط انطلاقا من شمال افريقيا وحتى العمق الافريقي يشهد تحولات وغليانا وتحديات لا تحتمل التأجيل... ولعل أكبرها ما تشهده الشقيقة ليبيا من أوضاع تلقي بظلالها في اتجاه مالي حيث أصبحت «القاعدة» رقما صعبا وفي اتجاه الجزائر التي تستعد لانتخابات تشريعية مفصلية وذات تأثير على توجهات البلاد مستقبلا... دون نسيان الأوضاع الدقيقة في سوريا حيث ذهبت ادارة ساركوزي أشواطا في عدائها للرئيس الأسد وكذلك الأوضاع الدقيقة في مصر.
انها ورشات كبرى تنتظر الرئيس الاشتراكي هولاند المطالب بالانخراط في الشأن الداخلي وتوفير الأجوبة الملائمة لقضايا الشعب الفرنسي وانتظاراته... والمطالب أيضا بتعديل أوتار السياسة الخارجية الفرنسية التي توغلت كثيرا في ولائها للسياسات الامريكية ما جعل فرنسا تخسر الكثير من هيبتها ومن مواقع نفوذها اقليميا ودوليا.