تونس (الشروق) توقّع غنتر فرهوغن، المفوض الأوروبي المكلف بملف توسيع ا لاتحاد، أن تستفيد تونس الى حد بعيد من السياسة الجديدة للجوار، التي يقترحها الاتحاد على شركائه، وخاصة على مستوى «الحريات الأربع» أي حرية تنقل البضائع والخدمات ورؤوس الأموال والأشخاص. وكان المفوض الأوروبي يحاضر، في «دار المؤسسة» التابعة للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات، على هامش الزيارة التي قام بها لبلادنا. وقال السيد غونتر فرهوغن، ان تونس أكدت انها شريك قوي، وعبّر عن اعتقاده بقوة بأن تونس ستكون وجهة هامة للاستثمار الأوروبي، وكذلك للدعم المالي والاقتصادي للاتحاد. سياسة تبنى على ما هو موجود وقال «إننا ندرك جميعا أن تونس كانت أول شريك متوسطي يمضي اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي وانها قامت ببرنامج طموح للاصلاحات الاقتصادية المتقدمة جدا». وأشار الى أن الاتحاد الأوروبي بدأ مناقشة سياسة الجوار الأوروبية، مع شركائه في الجنوب وفي الشرق ممن تقدموا شوطا كبيرا في الشراكة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، وقال ان تونس ضمن هذه المجموعة، مضيفا انهم لاحظوا باهتمام، ما أشار إليه الرئيس بن علي في خطابه يوم 15 جانفي، حول سياسة الجوار. وقال ان سياسة الجوار لا تنطلق من الصفر، وأنه تمّ وضع هذه السياسة في سياق البناء على ما هو موجود، أي التبادل الحرّ، وبرامج الاصلاح الاقتصادي، والحوار السياسي، وحقوق الانسان والديمقراطية والهجرة ومقاومة الارهاب والجريمة المنظمة. وأضاف قائلا أنه كلّما كان عملنا، اليوم، معمّقا في هذه المجالات، كلّما كانت قاعدة «خطط العمل» التي تنص عليها سياسة الجوار، واسعة، وقال أنه يمكن التعامل مع المسائل التي تطرحها سياسة الجوار، بالآليات الموجودة في اطار الشراكة، أي اتفاقات الشراكة وآليات التحويل. وعبّر عن استعداد الاتحاد الأوروبي للعمل مع تونس، من أجل الاستغلال الأمثل للآليات والقدرات الموجودة، ومن أجل استغلالها في مراحل إضافية، وان ذلك يتوقف على الالتزامات الاضافية التي ينبغي أن تتخذها تونس إزاء الاتحاد، وعلى الحوافز الاضافية التي يكون بإمكان الاتحاد أن يوفّرها. وقال اننا نعرف انه لا يمكن معاملة جيران أوروبا بطريقة متطابقة، انهم يختلفون الواحد عن الآخر. وان هذه النقطة ستكون هامة جدا في سياسة الجوار الأوروبية. وسوف تعكس «خطط العمل» التي ستضعها هذه السياسة، مجموعات مختلفة للمصالح المشتركة، وعمق مختلف في تقاسم القيم. وقال ان هذه السياسة التي يقترحها الاتحاد تنطلق من نية أساسية وهي رفع علاقاته مع جيرانه الى أقرب مستوى، سياسيا واقتصاديا، من المستوى الذي عليه الدول الأعضاء، وقال ان كل بلد يحدد مدى القرب الذي يرغب بإحلاله في علاقته مع الاتحاد الأوروبي. وعبّر عن اقتناعه بأنه بإمكان تونس أن تقوم بخطوة طموحة في تعميق علاقتها مع أوروبا، ومن خلال سياستها الاقتصادية المتناسقة وادارتها الجيدة، سيكون بإمكانها أن تطور رؤية استشرافية للمستقبل. وعبّر عن استعداد الاتحاد لبناء شراكة عميقة وعلى المدى الطويل مع تونس على أساس قيم وأهداف مشتركة. علاقة شراكة وليس مساعدة ومن جهة أخرى، عبّر غونتر فرهوغن، عن ثقته بأن عملية توسيع الاتحاد، والمنتظرة للأول من ماي المقبل، ستتم في أفضل الظروف، وأضاف أنه بفضل عملية التوسيع، فإن تسوية شاملة للقضية القبرصية، أصبحت فرضية واقعية جدا، كما أظهر نفس التفاؤل بشأن انضمام بلغاريا ورومانيا الى الاتحاد في العام 2007، بعد استكمال المفاوضات. كما عبّر المسؤول الأوروبي عن اعجاب الاتحاد الأوروبي، بما تحققه تركيا من تقدم على مستوى الاصلاحات السياسية والاقتصادية في انتظار الانضمام للاتحاد، مشيرا أنه من المبكّر جدا التكهن بنتيجة هذه المفاوضات. وقال المفوض الأوروبي أن التوسيع سوف يعود بالفائدة على دول الجوار وعلى شركاء الاتحاد وليس فقط على الدول التي ستنضمّ للاتحاد في ماي المقبل، موضحا أن الاتحاد الأوروبي الذي يعيش التوسع الخامس في تاريخه، سوف يزيد في حجمه بنسبة 23 بالمائة، وفي عدد سكّانه بنسبة 19 بالمائة، وفي قدراته الاقتصادية بنسبة 6 بالمائة. وقال ان الهدف من سياسة الجوار الجديد هو بناء علاقات خاصة مع دول الجوار المباشر للاتحاد الأوروبي على أسس تقاسم القيم والمصالح المشتركة، وأشار الى أن نوعية العلاقة وكذلك نسقها ومدى عمقها تعكس مدى تمسّك الطرفين بإنجاح هذه العلاقة وكذلك مدى قدرة هؤلاء الشركاء على تحقيق مقاييس الاندماج الاقتصادي وطرح المفوض الأوروبي عدة أفكار بشأن السياسة الجديدة للجوار، على المدى المتوسط والقصير، وكذلك على المدى البعيد من خلال فتح المجال أمام دول الجوار للاستفادة من «الحريات الأربع» التي تتمتع بها الدول الأعضاء، وهي حرية تنقل البضائع والخدمات ورؤوس الأموال والأشخاص. كما تعطي هذه الأفكار الأولوية للمسائل المتعلقة بالعدل والشؤون الانسانية والبنى التحتية والبيئة. وأضاف أنه يزور تونس، وقد زار روسيا وأوكرانيا ومولدافيا وسيزور بقية دول الجوار ليناقش معها هذه الافكار الجديدة. ولاحظ وجود اهتمام متزايد بهذه الافكار وبالفرص التي يوفّرها توسيع الاتحاد، لدول الجوار. وبشأن ملف الهجرة، قال المفوض الأوروبي أنه لا يمكن حل مشاكل الهجرة غير الشرعية اذا لم يتم ايجاد حل للهجرة الشرعية، وقال ان هذه المسألة تناقش في صلب الاتحاد، وإذا تمّ التوصل الى ايجاد حل للمشاكل الأمنية، (الفقر وانعدام التوازن في المنظومة الاقتصادية الدولية) فإنه ينبغي مواجهة مشاكل التنمية المستديمة في الدول النامية، وعبّر عن التزامه، كمسؤول في الاتحاد، بدعم فرص التنقل للطلبة ورجال الأعمال. وقال ان ما يطرحه الاتحاد، ليس من باب الاحسان أو المساعدة ولكنه يطرح اقامة علاقة شراكة في التنمية المتبادلة بما يعود بالفائدة على الطرفين.