انتظمت أمس بالعاصمة، وبمبادرة من سفارة المفوضية الأوروبية، وسفارات مالطا وتشيكيا والمجر وبولونيا، ندوة دولية حول الاتحاد الأوروبي الموسع وتونس، افتتحتها السيدة سيدة الشتيوي كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية، والسيد جو بوزغ المفوض الأوروبي ووزير خارجية مالطا السابق. وواكبها خاصة السيد ايثيل باراث، كاتب الدولة لدى الوزير الأول المجري المكلف بالديوان الوطني للتنمية، اضافة إلى العديد من الخبراء من تونس ومن الدول الأوروبية، وخاصة المنضمّة حديثا إلى الاتحاد الأوروبي. وقد ناقش المشاركون في هذه الندوة ثلاثة محاور أساسية وهي المحور الدبلوماسي، الذي بحث فيه المتدخلون المسائل المتعلقة بالعلاقات الأورومتوسطية بعد توسيع الاتحاد، والمحور الاقتصادي، الذي تم خلاله استعراض الرهانات المطروحة بفعل التوسيع، وتم خلالها استعراض تجربة المجر باعتبارها احد الدول التي انضمت حديثا إلى الاتحاد الأوروبي كما ناقش المشاركون محورا ثالثا يقارن بين المقاربات المتبادلة للاقتراب من الاتحاد الأوروبي. مواقف تونس ولدى افتاحها هذه الندوة الدولية أكدت السيدة سيدة الشتيوي كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية، على الأهمية التي توليها تونس للحوار والتفاهم المتبادل والتعاون بين ضفتي المتوسط. وقالت ان اتفاق الشراكة الذي أبرمته تونس مع الاتحاد الأوروبي، جاء ليعطي دفعا جديدا لعلاقات تونس مع الاتحاد ويؤكد رغبة تونس بالعمل في فضاء السلم والرفاه الذي يمثله الاتحاد. وقالت ان توسيع الاتحاد الأوروبي يمثل بالنسبة لتونس، عاملا مهما لدعم السلم والاستقرار والرفاه في أوروبا وفي العالم أيضا، معبرة عن الأمل في أن يكون كذلك بالنسبة لجيران أوروبا على الضفة الجنوبية للمتوسط. وقالت ان تونس، اقترحت أن يتم على مستوى مسيرة برشلونة، ايجاد حوار بين الشركاء المتوسطيين العشرة والدول العشر المنضمّة حديثا إلى الاتحاد، مشيرة إلى ان تونس، عملت على المستوى الثنائي، على دعم علاقاتها مع الأعضاء الجدد في الاتحاد. وقالت ان توسيع الاتحاد اثار مخاوف مشروعة لدى الشركاء المتوسطيين للاتحاد، وخاصة الدول المغاربية، مضيفة ان هذه الدول قامت بجهود جبّارة من أجل تأهيل اقتصادياتها وايجاد اصلاحات اقتصادية طويلة الأمد، وان هذه الدول تواجه اليوم تحديات عديدة أهمها توجه الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو الدول المنضمّة حديثا، وترجع حجم المساعدة المالية التي يمنحها الاتحاد، اضافة إلى المزيد من الصعوبات التجارية، وكذلك تزايد المخاطر بالنسبة للجاليات المغاربية المقيمة في دول الاتحاد، وهي تحديات تزداد صعوبة، مع الأوضاع الدولية الراهنة التي تتسم بتزايد المنافسة.. وقالت ان الدعم المالي السخي الذي تتمتّع به الدول المنضمّة حديثا، يدعم قدرتها التنافسية مقارنة بشركاء جنوب المتوسط وخاصة في المغرب العربي.وجدّدت السيدة سيدة الشتيوي، دعوة تونس من أجل انشاء بنك أورومتوسطي لاعادة البناء والتنمية، كما استعرضت موقف تونس من مبادرة السياسة الجديدة للحوار. التوسيع، هو تحد للاتحاد أيضا ومن جانبه أشار المفوض الأوروبي جو بورغ إلى أن توسيع الاتحاد يمثل تحديا للاتحاد نفسه، قائلا إنه سيكون أمام الاتحاد أن يؤكّد ان التوسيع ليس وضع حدود جديدة له، أو ان التوسيع ليس وضع حدود ولكن التوسيع، يمثل فرصة وحاجة أوروبية للانفتاح على جيران جدد، وهم الجيران الأقرب، مذكرا في هذا المجال بمبادرة السياسة الجديدة للجوار التي اقترحتها المفوضية الأوروبية منذ مارس 2003، والتي تهدف إلى ايجاد اطار سياسي موحّد يرتكز على تحقيق السلم والاستقرار والرفاه والقيم المشتركة، حسب قوله، مشيرا أيضا إلى أنه أمام الاتحاد أن يضاعف من حجم المساعدات والمنح الموجهة للشركاء بداية من 2007 . قيم أوروبية في المحور الدبلوماسي تحدث كل من السيدين الباجي قائد السبسي، وزير الخارجية الأسبق، وستيفن كاليخا، نائب مدير الأكاديمية المتوسطية للدراسات الدبلوماسية في مالطا. السيد الباجي قائد السبسي أشار إلى ان توسيع الاتحاد الأوروبي، غيّر المكانة الجيواستراتيجية للاتحاد، ملاحظا ان الأوروبيين يعطون الانطباع بأنهم لا يعرفون تحديدا أي اتحاد يريدون، فهل هي أوروبا «السوبر ماركت» حيث البيع والشراء والمنح، أم هي أوروبا الحاملة للقيم الأوروبية نحو العالم، حتى لا تنفرد القيم الأطلسية بذلك، مشيرا أيضا إلى أنه لا يوجد نفس الاهتمام بجنوب المتوسط لدى كل دول الاتحاد. وبالمقابل تخشى دول المغرب العربي، انها تواجه غربين مختلفين، بعد ان عرفت الغرب الذي افرزه مؤتمر يالطا الذي يتحدث،حسب قوله، لغة واحدة وقيم واحدة، وهو اليوم يواجه غرب القيم الأوروبية الذي يدعم القضايا العادلة والقانون وغرب آخر يدعم سياسات الهيمنة والسياسات الوقائية، ويتجاهل جرائم الحرب والابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية. وتحدث أيضا عن مستقبل العلاقات الأورومغاربية، قائلا ان كل طرف هو في حاجة إلى الطرف الآخر، وان هذا التداخل يفرض على الجانبين وضع شراكة استراتيجية شاملة، تتجاوز التبادل الحر، ويتنزل في اطار رؤية شاملة. فرصة الجوار من جانبه، شدّد الأكاديمي المالطي ستيفن كاليخا، على أهمية إقامة علاقة ايجابية جديدة بين شمال وجنوب المتوسط، وهي سياسة الجوار، التي تفرض على دول الجنوب خاصة التعامل على أساس انتظار نتائج طويلة المدى من خلال ترتيبات هذا الجوار الجديد مقترحا العمل في مجالات معينة، مثل التربية مثلا لمزيد التقريب بين الطرفين قائلا: انه على الطرفين ان يعملا من أجل ايجاد حل للهجرة. وقال ان سياسة الجوار، والتي تمكّن دول الجنوب من الوصول إلى السوق الاتحادية الأوروبية، هي خطوة هامة جدا بما أنها تمكّن الجيران من كل المكاسب باستثناء الانضمام إلى المؤسسات، داعيا دول جنوب المتوسط إلى اغتنام هذه الفرصة، خاصة وان دول الاتحاد يخططون، حسب قوله، لمرحلة تعاون أوسع مع دول الجيران بداية من 2007 مضيفا انه من المهم جدا أن تعبّر دول الجوار عن استعدادها وعن تفاعلها الايجابي مع هذه الخطط الداخلية المنتظرة من قبل الاتحاد الأوروبي.