لاوّل مرّة في تاريخها تدخل ولاية قبلي بجميع مدنها وقراها في اضراب مفتوح حقق نجاحا كبيرا طيلة يومي الاثنين والثلاثاء. هذا الاضراب لم تدع له أي جهة حزبية ولا نقابية فقد انطلق بمبادرة من شباب ومواطنين على «الفايس بوك» . المبادرة لقيت تجاوبا كبيرا من المواطنين الذين استجابوا لهذا النداء تلقائيا هذا التجاوب التلقائي مع نداء الاضراب العام يكشف عن حالة الاحتقان العام والاحباط التي تسود الجهة التي عانت من التهميش في دولتي الاستقلال ومازالت تعانيه بعد عام ونصف تقريبا من الثورة ...فمشاكل جهة قبلي كثيرة ومتعددة والحلول موجودة والكفاءات أيضا ولكن الارادة السياسية هي المفقودة.
فخلافا لجهات اخرى حققت انتعاشة نسبيا خلال عام 2011 كانت ولاية قبلي مشلولة بالكامل في مستوى النشاط السياحي وخاصة مدينة دوز والمناطق المجاورة لها مثل زعفران ونويل وقصر غلال فمدينة دوز التي تعد عاصمة السياحة الصحراوية بلا منازع عاشت شللا اقتصاديا شبه كامل طيلة العام الماضي ولم تفكر الحكومة في اجراءات خاصة بها للمحافظة على مواطن الرزق اذ تعاني مئات العائلات من تراجع النشاط السياحي الذي يعد مورد الرزق الاساسي الى جانب النشاط الفلاحي.
وفي النشاط السياحي ايضا حرم العشرات من ابناء الجهة من القروض والدعم في مستوى بعث المشاريع في حين يجد المستثمرون القادمون من جهات اخرى كل الدعم والتشجيع وهو سبب من بين اسباب كثير للشعور بالاحباط والاحتقان يضاف الى ذلك الاسعار المخجلة التي يفرضها الادلاء السياحيون على «الجمّالة»الفقراء الذين يقضون كامل اليوم تحت لهيب الشّمس في فصل الصيف من اجل مبلغ ليست له قيمة رغم ان هذا المنتوج السياحي «ركوب الجمال» غير موجود في اي مكان خارج دوز وزعفران وقصر غيلان وكان من المفروض ان يحقق ارباحا محترمة للعائلات التي تعمل في هذا القطاع لكن جشع الادلاء السياحيين يحرم هؤلاء الجمّالة من مردود مالي كان من المفروض ان يتمتّعوا به.
الفلاحة قطاع مهمش
المعضلة الثانية لولاية قبلي هي الفلاحة فرغم انها تنتج حوالي 70 بالمائة من التمور الرفيعة فان المردودية غائبة تقريبا بسبب غياب ديوان للتمور وهو المطلب الاساسي الان للجهة مع تسريع مشاريع التنمية وتحيينها فالقطاع الفلاحي المرتكز اساسا على التمور يحتاج الى اجراءات خاصة منها العناية باحياء الواحات القديمة التي من المفروض ان تكون منتجة لكن غياب المياه وارتفاع نسبة الملوحة حرما الجهة من عشرات الواحات القديمة التي لا تنتج شيئا .
والغريب ان وزارة الفلاحة التي لم تحرك ساكنا تجاه الواحات القديمة تمنع اصحاب المقاسم الفلاحية الذين سعوا الى بعث مشاريع سياحية صغيرة في الواحات بسبب الصبغة الفلاحية للأرض التي لم تعد تنتج شيئا .انّه منطق غريب فالوزارة لا تساعد على احياء هذه الواحات وفي المقابل تمنع اصحابها من بعث مشاريع سياحية فيها وهكذا تعاني عشرات الواحات القديمة التي تمتد على عشرات الهكتارات من الاهمال الكامل تقريبا.
الماء والصحة
لعل ولاية قبلي من الولايات القليلة وقد تكون الوحيدة ربما التي لا يستعمل اهلها الماء العمومي لانّه غير صالح للشراب ورغم ان هذه المعضلة التي تتصل بشيء حيوي للانسان بدات منذ سنوات طويلة فان اجهزة الدولة لم تحرّك ساكنا. فماء «السوناد» غير صالح للاستعمال ويبدو ان نوعية الماء كان وراء انتشار عديد الامراض وهو ما يدعو الى تدخّل عاجل لايجاد حلول لهذا المشكل الذي يتّصل بحياة الانسان . وفي السياق ذاته يفتقر المستشفى الجهوي بقبلي والمستشفى المحلي بدوز وكذلك المستشفى المحلي بالفوار الى التجهيزات الضرورية والى اطباء الاختصاص .
عصا سحرية
يعرف مواطنو ولاية قبلي ان الحكومة لا تملك عصا سحرية لتغيير الواقع بسرعة عجيبة لكنّهم يطالبون بفتح ملف التنمية بشكل عاجل وبلا تاخير على غرار ولايات اخرى تمّ اقرار مشاريع فيها .
فشعور سكّان ولاية قبلي بالاحباط والاحتقان الذي يسود الجهة الان أكثر من منطقي فقد اهملتهم مشاريع التنمية طيلة سنوات وحتى المشاريع القليلة التي انجزت كانت تفتقر الى الجدوى والنجاعة وهو ما عمّق الشعور العام بانّعدام الجدّية في التعامل مع مشاكل الجهة التنموية .