في إطار احتفال المندوبية الجهوية للثقافة بالدورة 21 لشهر التراث بمنوبة احتضن قصر قبة النحاس بالجهة محاضرة تحت عنوان : «تراثنا في خدمة التنمية» أثثته الدكتورة رجاء العودي بحضور المندوب الجهوي للثقافة.
وبعد عرض وثائقي للمخزون التراثي بالجهة الذي يشمل القصور جرى استعراض إمكانيات تراث الجهة الذي تمتد جذوره إلى آلاف السنين وكيفية تحويله إلى مشروع تنموي متفاعل مع الاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية وحتى الأخلاقية الروحية، ويلعب دورا في تشكيل صورة منوبة المستقبل.
حيث تم التركيز على مخزون منوبة التراثي التي اعتبرتها الباحثة ذات أصل ارستقراطي يقطنها مالكو الأراضي الأثرياء والمرتكز أساسا على عنصر القصور التي تمتد جذورها إلى العصر الحفصي الذي تواصل من 1230م إلى 1574م إلى العصر العثماني حيث اندثرت بعضها وظل منها حوالي 23 قصرا يشهد على تاريخها الضارب في القدم وهي قصر قبة النحاس وقصور زروق الثلاثة وقصر شويخة وقصر حمودة باشا فضلا على بقية مكونات المخزون والمتمثلة في الزوايا على غرار زاوية سيدي علي الحطاب بالمرناقية و زاويتي سيدي بن عيسى وسيدي علي عزوز بطبربة والكنائس والمقامات والحنايا والأبراج و«السّواني» والمناطق الأثرية التي لا تزال مدفونة تحت الأرض على غرار منطقة هنشير زويتينة وهنشير طنقار وهنشير الحثرمين وجبل المربع وحمامات سيدي غريب ومهرين جرش الجربي.
وقد تم تثمين الجهود المبذولة للعناية ببعض القصور على غرار قصر قبة النحاس الذي شهد نقلة نوعية نتيجة أشغال الترميم والعناية الكبيرة به من قبل صاحبه الذي حرص على تنمية دوره الثقافي والتاريخي وأصبح مثالا لإبراز دور التراث في خدمة التنمية , ثم قصر الوردة الذي وقع استغلاله للمتحف العسكري الذي يروي التاريخ العسكري لتونس ثم قصور زروق ومنها مقر الولاية حاليا ومقر مدرسة الراهبات في حين ظلت عديد القصور الأخرى تنشد العناية والتدخل العاجل من لدن وزارة الثقافة فقصر دار شويخة ظل مهملا ينشد العناية وقد برمجت تهيئته منذ سنوات وطالت أشغاله في انتظار أن تحدد وجهة استغلاله بين وزارتي الثقافة والتربية على اعتبار محاذاته للمعهد الثانوي حمودة باشا مع العلم انه بني في القرن التاسع عشر ميلادي شغل دور قباضة مالية,ثم برج قرع وبرج التوكابري و برج محمد علي الآغة الذي يرجع بناؤه إلى أواخر القرن الثامن عشر ميلادي.
اعتداء على التراث
كما أبدت الباحثة أسفها للانتهاك الواضح الذي وقع مباشرة بعد الثورة إذ استغلت إحدى الشركات العقارية التراجع النسبي للأمن والإدارة بجهة منوبة لتزيح «قصر برج بوعتور» أو «برج الزواري» الذي بناه الوزير الأكبر محمد العزيز بوعتور وزير محمد الصادق باي (1859 1882) ودار سعيد الكائنة بمقر مركز المسنين خلال الثورة.
وقد جرى التأكيد أن المخزون الأثري بالجهة بات يستوجب التعمق في كيفية النهوض به وإحاطته بالرعاية والعناية من كل جوانبه وإنقاذه بالترميم والتهيئة وحمايته من الاندثار حتى يلعب دوره المنشود في التنمية الجهوية مع ضرورة التسريع بإدراجه ضمن المسلك السياحي بتونس الكبرى وذلك لما يزخر به من مكونات تراثية وسياحية وايكولوجية قادرة على الإضافة في مجال السياحة, وأبدى الحاضرون أملهم وخاصة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها السيد وزير الثقافة المهدي المبروك إلى الجهة في أن تلاقي أثار الجهة حظها بحملة إنقاذ تعيد لها بريقها وإشعاعها, وخاصة المتعلق بمواصلة أشغال صيانة برج شويخة وحراسته وحمايته من أيادي العابثين وتسويغ فضاء جابية زروق بما يضمن الحفاظ على خصوصياتها التقليدية التاريخية وفق كراس شروط وحماية معلم سانية المشماش.