تزخر ولاية منوبة بعشرات المعالم والمناطق الأثرية التي تشهد بتاريخها الضارب في القدم وبدورها الثقافي والمعماري فقد كتب لتاريخها وحضارتها الموت بلا تحريك ساكن وبلاخطة قد تنقذ ما تبقى منها خاصة في خضم وجود تجارب ناجحة للترميم.
الرصيد وافر والمجموعة الأثرية متكاملة وهي تعج بالقصور فمن قصر قبة النحاس إلى قصور زروق الثلاثة وقصر شويخة وقصر حمودة باشا التي تمثل جزءا من قصور منوبة الثلاثة والعشرين الزوايا فجابية زروق وسبيل حمودة باشا والقائمة قد تطول بعض تلك المعالم العامرة بالمعجزات العتيقة تحولت إلى مبان مهجورة ترقص فيها ذرات الرمال الحبلى بحكايات الماضي السحيق، وتستشعر المأساة التاريخية والأثرية في تحطيم وتكسير وقلة دراية بأهميتها التاريخية وقيمتها التي لا تقدر بثمن.. هذا الموضوع كان محور متابعة في جلسة عمل التأمت بمقر ولاية منوبة بإشراف السيد منصف العمراني والي الجهة وبحضور ممثل عن المعهد الوطني للتراث ومندوبية الثقافة والسلط الأمنية لتطلق الجهة نداء إغاثة لم يكن الأول ولن يكون الأخير حول الخطر المحدق بتلك المناطق الأثرية والسبل الكفيلة بحمايتها من الاندثار ومن أيادي العابثين التي لم تستول على مكوناتها الثمينة فحسب بل خربتها وحولت بعضها إلى أوكار فساد وتعاطي ممنوعات والى مصبات للفضلات.. وباستعراض وضع القصور التي يرتكز عليها الزاد الاثري للمنطقة تبين ان بعض تلك القصور وقع ترميمها وتنمية دورها الثقافي والتاريخي على غرار قصر الوردة الذي وقع استغلاله للمتحف العسكري الذي يروي التاريخ العسكري لتونس ثم قصر قبة النحاس الذي أحياه مستثمر خاص ثم قصر زروق (مقر الولاية ) والثاني المجاور له والمخصص لمدرسة خاصة مدرسة الراهبات سابقا ثم آخر لسجن النساء في حين ظلت عديد القصور الأخرى تنشد العناية والتدخل العاجل من لدن وزارة الثقافة فقصر دار شويخة ظل مهملا ينشد العناية وقد برمجت تهيئته منذ سنوات وكانت النتيجة ان سرقت أعمدته وسارياته الرخامية وذلك القصر بني في القرن التاسع عشر الميلادي شغل دور قباضة مالية وكان مآله الإهمال,ثم برج قرع الذي يرجع تاريخه إلى القرن الثامن عشر ميلادي ترك نهائيا بعد استعماله كمركز للتكوين المهني للفتيات وهو الآن في حالة خراب متقدم . برج التوكابري ليس اقل حظا لأنه بات في حالة اضمحلال تدريجي ليشمل الحال أيضا برج محمد علي الآغة الذي يرجع بناؤه إلى أواخر القرن الثامن عشر ميلادي, ثم برج «قصر برج بوعتور» أو «برج الزواري» الذي بناه الوزير الأكبر محمد العزيز بوعتور وزير محمد الصادق بأي (1859 1882) وهو واحد مما يناهز الثلاثين قصرا بناها الحسينيون وأفراد حاشياتهم بضاحية منوبة (الضاحية السلطانية) حيث دكته جرافات إحدى الشركات العقارية وفق تصاريح مقدمة من وزارة الثقافة وإبان أحداث ثورة تونس وذلك رغم احتجاج المتساكنين الذين رفضوا بشدة هذا التطاول الشنيع على المخزون التراثي لولاية منوبة. وقد تمت الإشارة خلال اللقاء إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه واتخاذ القرار الصائب فيما تحول إلى أكداس من بقايا الآثار مع حماية بعضها على غرار معلم صغير بحي السعيد بمنوبة وقصر حمودة باشا المحاذي للمعهد الثاني حمودة باشا والذي تحول إلى وكر لتعاطي ممنوعات. ولئن تحتاج تلك المعالم التاريخية إلى تدخل عاجل من قبل وزارة الثقافة بما قد يعيد للجهة دورها التاريخي المضيء, والذي ترفض الجهة التخلي عنه فان عديد المناطق الأثرية لا تزال تنتظر إزالة الأتربة عنها واكتشاف جمالها على غرار منطقة هنشير زويتينة وهنشير طنقار وهنشير الحثرمين وجبل المربع وحمامات سيدي غريب ومهرين جرش الجربي.