تشير العدالة الانتقالية بشكل عام إلى مجموعة من الأساليب التي يُمكن للدول استخدامها لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان السابقة، وتشتمل على توجهات قضائية وغير قضائية على حد سواء. تشمل العدالة الانتقالية سلسلةً من الإجراءات أو السياسات مع المؤسسات الناتجة عنها، والتي يمكن أن تسن في مرحلة تحول سياسي بين فترة عنف وقمع إلى فترة استقرار سياسي، وتستمد العدالة الانتقالية مضمونها من رغبة المجتمع في إعادة بناء ثقة اجتماعية، مع إصلاح نظام قانوني مهترئ، وبناء نظام حكم ديمقراطي. القيمة الجوهرية للعدالة الانتقالية هي مفهوم العدالة؛ ليس فقط العدالة الجنائية، بل كافة أشكال العدالة، وهذا المفهوم، مع التحول السياسي المتمثل في تغيير النظام السياسي أو التحول من مرحلة التعارض، يرتبط به مستقبل أكثر سلاما، وديمقراطية وثقة.
وحظي مصطلح العدالة الانتقالية حديثا بالكثير من الاهتمام من الأكاديميين وصناع القرار السياسي، كما حظي بالاهتمام في المجالات السياسية والقانونية، وخصوصا في المجتمعات الانتقالية، في الفترات الانتقالية السياسية، سواء من نظام تسلطي أو من الخلافات المدنية إلى الديمقراطية، حيث توفر العدالة الانتقالية فرصا لهذه المجتمعات لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان الماضية، العمليات الوحشية الجماعية، والأشكال الأخرى من الصدمات العميقة من أجل تسهيل انتقال ممهد إلى مستقبل أكثر ديمقراطية وسلاما.
ليست مختلف العناصر المكوَّنة للعدالة الانتقالية عبارةً عن أجزاء في لائحة عشوائية، إنّما هي تتصل الواحدة بالأخرى عمليًّا ونظريًّا. وأبرز هذه العناصر الأساسية هي: الملاحقات القضائية، لاسيّما تلك التي تطال المرتكبين الذين يُعتَبَرون أكثر من يتحمّل المسؤولية.
جبر الضرر، الذي تعترف الحكومات عبره بالأضرار المتكبَّدة وتتّخذ خطوات لمعالجتها، وغالباً ما تتضمّن هذه المبادرات عناصر مادية (كالتعويضات النقدية أو الخدمات الصحيّة على سبيل المثال) فضلاً عن نواحٍ رمزية (كالاعتذار العلني أو إحياء يوم الذكرى).
إصلاح المؤسسات، ويشمل مؤسسات الدولة القمعية على غرار قوات الأمن، والشرطة والمحاكم، بغية تفكيك – بالوسائل المناسبة – آلية الانتهاكات البنيوية وتفادي تكرار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والإفلات من العقاب.
لجان الحقيقة أو وسائل أخرى للتحقيق في أنماط الانتهاكات المنتظمة والتبليغ عنها، وللتوصية بإجراء تعديلات وللمساعدة على فهم الأسباب الكامنة وراء الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.
وقد أضافت دول مختلفة تدابير أخرى، فتخليد الذكرى، مثلاً، والجهود العديدة للحفاظ على ذكرى الضحايا من خلال إنشاء متاحف، وإقامة نصب تذكارية وغيرها من المبادرات الرمزية مثل إعادة تسمية الأماكن العامة، وغيرها، قد باتت جزءاً مهماً من العدالة الانتقالية في معظم أنحاء العالم.