عادت الاحتجاجات إلى الشوارع بوتيرة متصاعدة وسرت سريان النار في الهشيم. وعادت الاعتصامات والإضرابات العامة والخاصة بنفس المطالب العامة والخاصة والواسعة والضيقة. طرقات مغلقة ومؤسسات معطلة ومعطلون ينتظرون تحقق الوعود ومستثمرون متخوفون وسياح لا يسيحون. والمسؤولون يزورون ويتحاورون ويعدون ثم تعود من بعدهم الاحتجاجات وينفجر وضع هنا او هناك. ولاية القيروان التي ينتظر أبناؤها تحقيق ما وعد به المسؤولون والاستجابة لصيحات الفزع التي أطلقها أعضاء التأسيسي. ولم يشفع للوالي الذي يتجول بين مختلف المعتمديات، تحركه وتنقله من اجل تهدئة الأوضاع. والسبب حسب ما يقوله المواطنون هو انها محض وعود ومهدئات لا تستجيب للمطالب العاجلة ولا تحقق المطلبيّات بشكل سريع. فبوحجلة تطلب التنمية وتعبر عن موقفها الرافض لبعض المسؤولين المحليين. ويغلق المواطنون الطريق احتجاجا على انقطاع الماء وتعقد الجلسات وتطرح المشكلات لكن تغيب الحلول التي تبدو بعيدة المنال بسبب غياب رؤية واضحة وبسبب التعطيلات الإدارية واحيانا بسبب مطلب «كن فيكون».
وهذه معتمدية العلا تنتفض عطشا بسبب عمليات تخريب الشبكات المائية وتورط الجمعيات في الديون وسوء التنظيم ويحتج الأولياء فيدفعون بفلذات أكبادهم في طليعة الاحتجاجات عسى ترق قلوب من يهمه الأمر. وتعقد جلسة حوار وتعرض على المسؤولين المشاكل ثم لا تلبث الا قليلا فتعاود الأوضاع انفجارها. ونصر الله، هي الأخرى احتجت وطلبت التنمية وتسوية وضعية الشركات الاحيائية والأراضي الدولية والمناطق السقوية ومياه الشرب والري والمنطقة الصناعية والمسالك الفلاحية والمشاكل العقارية وغيرها وبلغ المواطنون مطالبهم للمسؤولين الذين زاروهم فقدموا لهم بعض المشاريع في انتظار أخرى.
أما في حاجب العيون الهادئة فتصاعدت الأصوات منادية بحظها في التنمية ليس مقارنة بجهات أخرى وإنما مقارنة بمعتمديات من ولاية القيروان، طلبا لتحسين الأوضاع ومنها تحسين وضعية المستشفى المحلي وتعمير المنطقة الصناعية وصولا إلى المشكل المستنسخ وهو ماء الشرب ومشكل التنمية الريفية. وفي السبيخة وجد المعتمد نفسه محاصرا بمطالب عمال الحضيرة المطالبين بحق الشغل وحق التنمية وحظ المناطق الريفية الفلاحية ذات المشاكل المتراكمة بلا تدخل. ومنع المعتمد من مكتبه كما منع الناس من حقوقهم الكثيرة. وكالعادة ذهب المسؤول وعاد وترك المواطنين يتأملون الوعود. والوسلاتية آخر من نطق من المعتمديات. المعتمد غائب بسبب طرده منذ شهر جانفي. ورغم غيابه فان المواطنين احتجوا مرة أخرى بسببه، وقالوا ان محاكمة من أطرد المعتمد غير عادلة وطالبوا بحق التنمية العادلة في المقابل وطلبوا الإسراع بتحقيق المطالب التي نقلها الوالي معه وهو يحاور المواطنين.
وفي حفوز ينتظر المواطنون في صمت وهدوء في انتظار انتباه المسؤولين. وهنا وهناك تبرز مشكلة تطلب حلا. أزمة الاتحاد الجهوي للفلاحة وأزمة اتحاد الصناعة والتجارة وأزمة النيابات الخصوصية ومشاكل رخص النقل من سيارة تاكسي وأجرة ونقل ريفي، يزيدها مطالب السكن والمنح الاجتماعية فوق المطلب الأساسي وهو مطلب الشغل.
ومعظم هذه المشاكل تحتاج إلى حل عاجل وفوري والمسؤولون مطالبون بعصا «كن فيكون» من اجل تحسين الظروف. وفي الأثناء يطالب المواطن بقدوم الاستثمار على عجل وبنشاط السياحة في اقرب اجل وانخفاض الأسعار وتوفر الحاجيات الأساسية والتصدي للمهربين وتوفير الأمن... !
وفي المقابل تأخرت المصادقة على الميزانية وتأجل الإعلان عن المناظرات السابقة واللاحقة والتنمية تأخرت رغم تصريحات أعضاء من التأسيسي بانها ميزانية طموحة وان الجزء الأكبر منها خصص للتنمية. ولكن عصا «كن فيكون» تعطلت هذه المرة لان هناك تعطيلات وتأجيلا بسبب الخلافات والإضرابات وغلق الطريق علاوة على المناوشات السياسية والحملات الانتخابية والتصريحات الشعبوية، بينما يعيش الشعب خارج التأسيسي في انتظار التنمية في شظف العيش يقف على «الظلف»... الشعب يطلب الحل السريع ويرفع شعار «كن فيكون».