الحماية المدنية: 601 تدخلا منها 140 لإطفاء حرائق خلال ال24 ساعة الماضية    توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي لتونس بنحو 3،2 بالمائة    سليانة: تجميع مليون و570 ألف قنطار من الحبوب خلال موسم الحصاد    إدانات ودعوات لعودة نتنياهو عن قراره لاحتلال غزة    الوسلاتية: محاولة دهس رئيسة دائرة الغابات    وزارة الشؤون الدينية تصدر بلاغا هاما بخصوص الترشّح لأداء فريضة الحجّ لسنة 2026..#خبر_عاجل    607 نقاط بيع تشارك في موسم التخفيض الصيفي على مستوى ولاية تونس    أكبر حريق في فرنسا منذ 80 عامًا يلتهم مساحة تفوق باريس ويودي بحياة شخص    انطلاق موسم الرابطة المحترفة الأولى 2025-2026 وسط أزمات مالية وتحوير في نظام النزول    عاجل/ آخر مستجدات البحث عن الشاب المفقود في شاطئ الهوارية..    قطاع الاتصالات في تونس يحقق 339.9 مليون دينار في جوان 2025 رغم تراجع اشتراكات الهاتف الجوال    ChatGPT-5.. بداية عهد جديد للبشرية!    خطر من ارتفاع سوم كيلو العلوش الي ينجم يوصل حتى 80 دينار..شنيا الأسباب؟    وسط أجواء إحتفالية منعشة ... النادي الصفاقسي يقدم لاعبيه المنتدبين الجدد ويكشف عن أزيائه الرسمية    الكورة ترجع الويكاند هذا: مواعيد ونقل مباشر لماتشوات الجولة الأولى    بطولة أمم إفريقيا للمحليين 2024: تعادل كينيا مع أنغولا وفوز الكونغو الديمقراطية على زامبيا    عاجل: وفاة وإصابات خطيرة وسط جهود محاصرة أكبر حريق غابات في فرنسا منذ 80 سنة    جدل واسع في بريطانيا بعد بث وثائقي مثير عن Bonnie Blue على "Channel 4"    هام/ انطلاق التسجيل وإعادة التسجيل عن بعد لكافة التلاميذ اليوم بداية من هذه الساعة..    عاجل/ بعد كورونا فيروس جديد يظهر في الصين..ما القصة..؟!    فيروس خطير يتفشى في ألمانيا    سامي الطاهري: الاعتداء على مقرّ اتحاد الشغل مُخطط وممول.. والسلطة مطالَبة بتحمّل مسؤولياتها    عماد الخميري يفجرها: "الاعتداء على الاتحاد محاولةٌ محمومةٌ لإعادة البلاد إلى مربعات الإستبداد والتسلط"..#خبر_عاجل    فيديو... مرّة أخرى في ظرف أسبوع، سيارة خاصة تعرقل مرور سيارة اسعاف    نهار الجمعة: شمس وأجواء دافية في كامل البلاد...والبحر باش يكون هكا    باش تمشي للبحر الويكاند؟ هذا هو حالة البحر السبت والأحد    بداية من اليوم: وزارة التربية تفتح باب التسجيل عن بعد للتلاميذ    مهرجان صفاقس الدولي.. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    رحيل الممثل المصري سيد صادق عن عمر ناهز 80 عامًا    بطولة العالم للكرة الطائرة: المنتخب الوطني ينهزم أمام في المباراة الإفتتاحية    مبوكو تفاجئ أوساكا لتفوز ببطولة كندا المفتوحة للتنس    إقبال محتشم والعودة المدرسية توجه الشراءات... ال «صولد» الصيفي... «بارد»!    أخبار النادي الصفاقسي: معلول جاهز و المهذبي و«موتيابا» يُمضيان    رضا الشكندالي: تراجع التضخم إيجابي لكنه لا يعكس واقع الأسعار التي يلمسها المواطن    بعد فضيحة المعركة بالسكاكين بين مغنيي «راب» 20 متورّطا والنيابة العمومية تحقق    في عرض بمهرجان سوسة الدولي: «عشاق الطرب»جرعة إبداعية ضدّ التلوث السمعي    شجار بين مغنيي راب يثير الجدل : حين يتحوّل الراب من صوت المهمشين إلى عنف الشارع    خطبة الجمعة: القدس تناديكم    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الدين القيّم:علم عظيم عن «الرحمان الرحيم»    ترامب يضاعف مكافأة القبض على مادورو    هزة أرضية ثانية تضرب الإمارات    بعد إعدام "الجاسوس النووي".. إيران تكشف عن تفاصيل صادمة وتبث اعترافاته    بالمناسبة «ترامب... فوق البيت الأبيض»    العمالة مقياس ديمقراطية الغرب: تونس تتحرّر من «سطوة» السفارات    دراسة: احذروا الشاشات... صحة أطفالكم في خطر!    احذر الشاي الأخضر إن كنت تعاني من هذه الحالات الصحية... القائمة    الالكسو تطلق سجلّ التراث المعماري والعمراني في البلدان العربية حماية لذاكرة المدن العربية    عاجل: وزارة المالية تعلن عن مناظرة جديدة بالديوانة... التفاصيل والتواريخ!    القصرين: تقدّم موسم جني الطماطم الفصلية بنحو 90 بالمائة وسط مؤشرات إنتاج قياسية (مندوبية الفلاحة)    قابس: التعريف بفرص الاستثمار في القطاع الفلاحي المتاحة لأبناء الجهة في الخارج    بطل العالم للسباحة أحمد الجوادي في حوار خاص مع "وات": استقبالي من قبل رئيس الجمهورية رسالة تحفيز على مزيد التألق    فتح باب الترشح للمشاركة ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة لأيام قرطاج السينمائية    منى نور الدين: مصدومة من جمهور سوسة... المسرح كان شبه خالٍ رغم تعبنا    تحب البطاطا المقلية؟'' هذا علاش ممكن تجيبلك مرض السكري!''    اليوم.. طقس صاف والحرارة في ارتفاع طفيف    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    التراث والوعي التاريخيّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خياطة الشفاه زمن حرية التعبير : «نعبّر وإلا ما نعبّرش»
نشر في الشروق يوم 24 - 05 - 2012

أقدم عدد من جرحى الثورة على خياطة أفواههم أمام المجلس التأسيسي كشكل من أشكال التعبير عن الاحتجاج الى حد تحقيق مطالبهم... ولئن قام فريق طبي بإزالة «الخياطة» فإن تغريز الشفاه قد اعتبره البعض «موضة» احتجاجية فيما يرى فيه آخرون حق مشروع في ظلّ صمت الحكومة.

«الشروق» حاولت البحث في أسباب إقدام البعض عن خياطة الفم.. وبحثت في جذور هذه الظاهرة وتفسيرها من وجهة نظر علمي للنفس والاجتماع كما حاولت معرفة ردود فعل ممثلي الدفاع عن حقوق الانسان.

يقول السيد محمد عطية (نائب رئيس رابطة حقوق الانسان المكلف بالحريات) أن بروز محتجين يقومون بخياطة أفواههم هي ظاهرة جديدة يقدم عليها من أغلقت أمامهم الأبواب و«شبعوا» بالمماطلات والوعود فالتجؤوا الى تكميم الأفواه تعبيرا عن سخطهم ولجلب انتباه الرأي العام.

رابطة.. واحتجاج

يعتبر نائب رئيس الرابطة المكلف بالحريات ان هذه الطريقة في الاحتجاج تؤذي الصحة وتحتوي على الكثير من تعذيب الذات.. وقال: «نحن كرابطيين ومدافعين عن حقوق الانسان لا نريد ان تنتهك صحة المواطن. فالمس من حرمة الجسد يتناقض مع مبادئ حقوق الانسان.. صحيح أننا نساند المطالب المشروعة لجرحى الثورة والمجتمع مقصّر الى حد الآن في تعاطيه معهم. لكن وبقدر ما المجتمع وأهل السياسة عبر السلطة والحكومة قد قصّروا مع جرحى الثورة الذين حاولوا تنبيههم ولفت انتباههم، فإننا نطالبهم بعدم اللجوء لهذه العملية لما تكتسبه من خطر على صحتهم، وأشار السيد محمد عطية الى وجود طرق أخرى للفت الانتباه ولا تمس بالحرمة الجسدية.
وأضاف أنه ليس من السهل على اي كان أن يخيط فاه لكن اليأس الذي يصيب البعض قد يدفعهم لهذا السلوك او لسكب البنزين على نفسه أمام انسداد الطرق والحلول أمامه. ودعا السيد محمد عطية كصيدلي وكجزء من رابطة حقوق الانسان الى حل مشاكل جرحى الثورة.

سجن الكاف

يقول السيد منذر الشارني الأستاذ الحقوقي من المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب ان أول من قام بخياطة فمه في تونس وانتشر خبره هو محمد عبّو في سجن الكاف بين سنتي 2006 و2007، وكانت خياطة الفم شكل من أشكال تعبيره عن الاحتجاج وعن ظروف المحاكمة بإطلاق سراحه.

وأضاف ان تكرر هذا الشكل من الاحتجاج اليوم أمام المجلس التأسيسي وبعد الثورة هو أمر مؤلم وهو تعبير عن اليأس والاحتقان وهو تعبير عن مواقف مؤلمة.
وأكد السيد منذر الشارني أن أشكال تعريض الجسم للأذى مرفوضة ولو قام بها المتضرر نفسه. فهي تؤدي الى تعكر الصحة، وتمنى عدم لجوء الضحايا الى هذا الشكل من أشكال التعبير عن الاحتجاج. وطالب الحكومة بالنظر الى مشاكل جرحى الثورة بشكل استعجالي.

أما تاريخيا فيرى منذر الشارني أن طريقة خياطة الفم والتعبير عن الاحتجاج بالتشليط داخل السجون او بخياطة الافواه هي طريقة قديمة موجودة في آسيا والشرق وافريقيا.
وأشار الى طرق أخرى مثل حرق الجسم التي بدأها الأكراد عند ايقاف عبد ا& أوجلان وكانت حركة احتجاج جماعية.

يأس وعلم نفس

اعتبر الدكتور حبيب تريعة وهو دكتور في علم النفس ودكتور في علم الاجتماع ان إقدام جرحى الثورة على خياطة أفواههم أمام المجلس التأسيسي هو شكل من أشكال التعبير عن الوجود وهي طريقة يعبّر بها الانسان عن مطالبه بشكل حاد قصد جلب الاهتمام. وهذه الطريقة هي تعبير عن المتاعب والعذاب الحاد الذي يعيشه المحتج ودعوة الى المجتمع والسلطات لتنظر اليه والى حاله هي دعوة للفت الانتباه والاحساس به واعطائه القيمة التي يستحقها كإنسان ومساعدته.
ويقول الدكتور حبيب تريعة: «كأن المحتج يقول يا من لم ينفع معهم الكلام ها أنذا أسكت في معاناة ومع الآلام».

وتساءل الد كتور حبيب تريعة عن أسباب عدم اعطاء جرحى الثورة العناية والأهمية التي تم اعطاؤها الى السياسيين والمساجين القدامى رغم ان طلباتهم شرعية وبسيطة.
وقال ان خياطة الفم هي مثل المثل الشعبي «العين بصيرة واليد قصيرة» فالكلمات لم تعبر لذلك يحاول اليائس التعبير عن آلامه بألم خياطة الفم. وهو أسلوب للضغط على الدولة وهو شكل من أشكال التعسف على الذات لا على الآخر.

وأشار الدكتور حبيب تريعة الى ان أسلوب خياطة الفم قد تم استعماله في الدول المتقدمة وأثبت نجاعته في جلب اهتمام الحكومات وتلبية المطالب بعد تحريك الجمعيات والمجتمع المدني.

موضة وغرابة

أدرج بعض المحللين خياطة الفم ضمن «الموضة» فيما رأى آخرون أنها طريقة «بدعة» وغريبة للفت الانتباه وتلبية المطالب.
وقد أقدم جرحى الثورة في تونس على خياطة أفواههم كما قام بعض المعتصمين في القصبة بخياطة أفواههم. وأخيرا أقدم مصري على خياطة فمه في مطالبة منه بتنحي وزير الصحة عن منصبه.

أما في الارجنتين فقام متهم في عملية قتل بشعة لموظف باستعمال آلة حادة بخياطة فمه حتى يهرب من عقوبة الاعدام وتقديم الشهادة وتمت احالته الى حالة الطوارئ.
كما أقدم مجموعة من السجناء في نواكشوط على خياطة أفواههم في شكل احتجاجي.

ويبقى موضوع خياطة الفم بين أخذ ورد بين الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الانسان بين مقدّر لحجم الألم والدمار واليأس الذي يعيشه المجتمع الذي لم يبلغ صوته ولم يسترد حقه، وبين مناهض ورافض لهذا الاسلوب الذي يمس حرمة الجسد وقدسية الروح البشرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.