إثر حلقات البرنامج التلفزي «الحقيقة» لقناة حنبعل الاخيرة والتي خصصت لموضوع طلب رفع الاستثناء عن التفويت في أحياء شركة النهوض بالمساكن الاجتماعية بكل من المنزه 8 والمرسى وحي الرمانة والمنار والذي حاول المشاركون فيه الاحاطة بجوانب هذه المظلمة والتعرض الى ملابساتها في حضور محامي الحصة التلفزية وممثلين عن وزارتي التجهيز والاسكان والشؤون الاجتماعية ونائب عن المتساكنين. دفعني واجب رفع اللبس وإرادة بيان الحقيقة عارية من كل تعتيم أو غموض الى التعليق عن مداخلات كل من نائبي وزارة الشؤون الاجتماعية والتجهيز والاسكان، فبالنسبة للأول وهو السيد نجيب المساهلي فإنه وإن اعترف بشرعية طلب التفويت وأقرّ بأحقية انتفاع سكان الأحياء الأربعة به فإنه أخطأ الطريق في بيان سبل رفع الاستثناء وجانب الصواب وعاد بالموضوع الى المربع الأول، إذ في إجابة عن سؤال صريح ومباشر من معدّة البرنامج حول دوافع وأسباب الاستثناء أكد أن الموضوع محل دراسة وفي الطريق الى التسوية بعد عرضه على الحكومة، فعن أي دراسة يتحدث مسؤول إداري برتبته تلك وهل هناك على امتداد تاريخ الحكومات والوزارات وحتى الشركات قرار تعقبه دراسة. فوفقا للمنطق والأعراف إنما تكون دائما وحتما سابقة للقرار وليست لاحقة له. فالدراسة تمت قبل التفويت في 9000 مسكن سنة 1989 ولم يبق من هذه المساكن إلا بقية باقية لا تمثل ثقلا أو وزنا بالنظر الى العدد المفوّت فيه. فكيف نفرد هذا المتبقي بدراسة أخرى وهو منطق لا يستقيم وهروب إلى الأمام فالملف واحد والدراسة واحدة والحل واحد ونظرية الحلّ الواحد بدراستين لم نعهدها من قبل.
وكدليل قاطع عن ضعف الحجة وانقطاع السند برّر السيد نجيب المساهلي وجوب اعتماد الدراسة على عناصر واهية منها أن الاستثناء مردّه رؤية تهدف الى تعديل معاليم الكراء وتوفير رصيد وبدائل سكنية تلبية لحاجيات أعوان الدولة على أساس مبدأ التداول وهذه كلمة حق أريد بها باطل وفيها مغالطة كبرى وتجنيا على الواقع، إذ لم يحدث تداول بالسكن في هذه الأحياء وشاغلوها الأوائل هم شاغلوها الآن على امتداد أكثر من ربع قرن. وأما استناده الى أن معاليم كراء هذه المساكن من شأنها تعزيز موارد صندوقي الضمان الاجتماعي والتأمين على المرض، فإني في هذا أقول ما قاله الأستاذ المحترم محامي الحصة من أن التفكير في موارد الصندوقين لا يقتضي التفريط في 9000 مسكن والابقاء على أربعة أحياء فقط لضمان بقاء الصندوقين على قيد الحياة.
أما بخصوص تعديل معاليم الكراء، فإنه لا يتسنى للشركة تحقيق ذلك لعدم حصول التداول على شغل هذه المحلات السكنية منذ بنائها والملاحظ بهذا الشأن أن الحجج المقدمة من ممثل وزارة الشؤون الاجتماعية كما أسلفنا بيانها لا يمكن أن تعدّ سوى أنها مردودة على صاحبها وأنها لا تعدو إلا أن تكون عودة الى خطاب العهد البائد واختتم المتدخل قوله بأنه في صورة اقرار التفويت، فإن هناك شروطا للانتفاع من بينها عدم ملكية المنتفع لأي عقار بتونس الكبرى وهو شرط منطقي ومعقول ونتقبله بصدر رحب ونستجيب له دون تحفظ.
أما مطالبته بأن يكون المنتفع في حلّ من كل دين يتعلق بمعاليم الكراء عند التوفيت، فإن ذلك يعتبر شرطا تعجيزيا وتحميلا للمنتفع ما لا طاقة له به، إذ وجب التذكير في هذا الصدد بأن الشاغلين من خلال وفائهم وخلاصهم لمعين الكراء على امتداد ربع قرن يكونون قد دفعوا ثمن المسكن مرتين أو أكثر وما ضرّ لو اقتصر المتدخل على ما تمّ اعتماده من شروط غير التفويت الأول عملا بمبدأ المعاملة بالمثل.
أما فيما يتعلق بردود ممثل وزارة التجهيز والاسكان وإفادته بأن وزارته ليس لها دخل بملف التفويت وأنه لا يعنيها في هذا الصدد سوى الجوانب الفنية والصيانة، فإنني أذكره أننا لم نسمع هذا من قبل حين اتصالنا بمصالح هذه الوزارة ولا ندري لماذا أتت هذه الاجابة متأخرة بعد ضياع أشهر من المعاناة من خلال المكاتبات والاتصالات بعد أن أعلمتنا وزارة الشؤون الاجتماعية بمكتوب رسمي عدد 32858 مؤرخ في 20 ماي 2011 بأن شركة النهوض بالمساكن الاجتماعية وملفنا برمته لم يعد من مشمولاتها بل أصبح من أنظار وزارة التجهيز والاسكان. فلماذا هذا التلاعب بأعصاب المواطنين والزيادة المتعمدة في قلقهم وتوترهم.