لم يكن من اليسير الانتصار على كل الصعوبات لأجل كسب رهان تنظيم دورة إبداعية جديدة خاصة بالشعر الغنائي اعتبارا لهذا الحراك الذي تعيش على وقعه البلاد.. ورغم ذلك فقد تظافرت الجهود انطلاقا من الجمعية التونسية للمثقفين والمبدعين والفنانين التونسيين تحت رعاية المندوبية الجهوية للثقافة بولاية بن عروس وبدعم من رجل الثقافة الأستاذ مصطفى كمون الذي اختير رئيسا شرفيا لهذه الدورة.. وتمّ «لمّ الشمل» في دورة أعادت الى الأذهان نجاحات هذا المهرجان الخاص بالشعر الغنائي على امتداد دوراته ال9 الماضية. 80 مشاركا
بعيدا عن كل ما له علاقة بالشأن السياسي فلا كلمات تنويه ولا استقبالات رسمية.. انطلقت الدورة العاشرة للمهرجان الوطني للشعر الغنائي بفضاء المصائف والجولات بحضور حوالي 80 شاعرا قدموا من مختلف أنحاء البلاد للاحتفاء بالفنان الكبير الراحل علي الرياحي في ذكرى مائويته على اعتبار أن الدورة حملت اسمه. ثراء المضمون لكن..
ما يلفت الانتباه في كل المشاركات الشعرية في هذه الدورة الثراء في المضمون على اعتبار أنه لم يتم تحديد موضوع واحد للشعراء.. لكن هناك ملاحظة لا بدّ من التوقف عندها والمتمثلة في هذا التعاطي مع الشعر الغنائي.. فالقصيد الغنائي سواء كان بالفصحى أو بالعامية تبقى له خصوصياته وقالبه الذي لا مجال للتغاضي عنهم من هذا المنطلق وإن ارتقت عديد المشاركات الى درجة التميّز فإنه في ذات الوقت افتقدت الى العنصر الغنائي فيها إن صحّ التعبير.. وهو أمر «أحرج» الى حدّ كبير لجنة التقييم مما دفعها الى توزيع جوائزها بالتوازي بين الفصحى والعامية.. وفي الاعتقاد أن الأمر يفرض حتما إعادة النظر في مسابقة المهرجان وذلك بتخصيص مسابقة لكل نمط شعري. وأشعلها نوفل بنعيسى
الأيام الثلاثة للمهرجان الوطني للشعر الغنائي بالمدينة الجديدة جاءت متنوعة ثرية بالمحطات التي جمعت بين الموسيقى والقراءات الشعرية والمداخلات الفكرية وإذا كان الدكتور فؤاد الفخفاخ قد قدم مداخلة تاريخية توقف فيها عند عديد المراحل التي عرفها الشعر العربي فإن الدكتور نوفل بنعيسى قدم مداخلة نقدية للمسيرة الفنية للفنان الراحل علي الرياحي.. مداخلة أثارت «حفيظة» بعض الفنانين الذين عاصروا علي الرياحي منهم توفيق الناصر، هذا الأخير رفض ما قاله المحاضر في شأن علي الرياحي بأنه فنان ليس فوق النقد.. وأنه من أصل 300 أغنية له هناك سوى 70 أغنية ارتقت الى الابداع وهي جديرة بالدراسة والتحليل.. كما أن علي الرياحي حسب الدكتور نوفل بن عيسى رغم أنه يعتبر مدرسة فنية قائمة الذات فإن هذا لا يشفع له التغاضي عن إنتاجات ضعيفة على مستوى المضمون والتلحين».. ويمكن القول أن الدكتور نوفل بنعيسى «أشعلها» حيث تعدّدت المواقف والآراء بين مؤيد ومنتقد لما جاء في مداخلته. تكريم وجوائز
اليوم الختامي للمهرجان شهد تكريم الأستاذ الناصر بوزيان باعتباره مؤسس هذه التظاهرة والمشرف عليها باقتدار على امتداد الدورات التسع الماضية وهو تكريم صفق له الحضور بحرارة اعتبار لما قدمه هذا الرجل للمهرجان كماتمّ في هذه التظاهرة تكريم الشاعر الغنائي الهادي علي والفنان توفيق الناصر والشاعر والمنتج والمخرج التلفزيوني أحمد حرز اللّه. أما جوائز المهرجان فقد كانت على النحو التالي:
الجائزة الأولى مناصفة
السيد السالك «طرق على باب القصيد» كمال الخليفي «واللّه العظيم نحبّك»
الجائزة الثانية مناصفة
عبد المجيد سالم البرغوثي «مدائح النجيع الحرّ» مكرم الصويعي «وصية»
الجائزة الثالثة مناصفة
البشير فرح «عشق وهيام» جابر المطيري «نادي الوطن» علما أن لجنة التقييم ترأستها الفنانة صفوة والملحن الناصر صمود مقرّرا لها وعضوية الهادي العبدلي والبشير بن حامد.
محطات متناثرة
مثلت الدورة العاشرة للمهرجان الوطني للشعر الغنائي فرصة للقاء بين عدد من وجوه الأغنية في تونس على غرار الهادي علي وأحمد الزاوية وتوفيق الناصر وصفوة ومحمد أحمد والناصر صمود وإقبال الجمني والبشير اللقاني والبشير فرح ومصطفى الطرابلسي وشاعر الجزيرة محمد السويسي.. هذا الأخير كان المنسّق العام للدورة الأولى بعد الثورة والأولى أيضا التي أشرفت على تنظيمها الجمعية التونسية للمثقفين والمبدعين والملحنين التونسيين بإدارة رضا العرفاوي وبدعم مباشر من المندوبية الجهوية للثقافة بولاية بن عروس.. هذه الدورة وجدت الدعم الكبير من رجل الأعمال والثقافة مصطفى كمون الذي كان متابعا لكل تفاصيلها اعتبارا لرئاسته الشرفية لها. جاء الحرص أيضا على تقديم هدايا تذكارية لكل المشاركين عبارة عن شعار الدورة التي يمكن اعتبارها استثنائية على أكثر من مستوى.. كما مثلت هذه الدورة فرصة لتبادل الاصدارات بين الشعراء والتواعد على لقاءات في تظاهرات قادمة تهتم بالابداع الشعري بكل حرية وبعيدا عن أي أجندا سياسية.