لم يكن الشاب الشرقي بن محمد الهلالي وهومن مواليد 1976 يعلم أنه لن يعود الى سبيطلة سوى جثة هامدة لما سافر للعمل بالقطر الليبي ولم يكن أفراد أسرته يعلمون أنهم سيفقدون ابنهم لما اندلعت الثورة الليبية .
بهذه العبارات انطلق تميم الهلالي شقيق أحد المتوفين في السجون الليبية حديثه معنا لما التقيناه في حالة لا يحسد عليها في مدينة سبيطلة نظرا لتعقد وضعية أسباب وفاة شقيقه الذي ترك زوجة وأربعة أطفال صغار أكبرهم في سن الثمانية لا يعلمون أنهم فقدوا والدهم وربما سيعلمهم التاريخ بذلك ذات يوم حيث غادر الهالك تراب الجمهورية التونسية منذ التسعينات للعمل بليبيا بحثا عن لقمة العيش التي استعصت عن العديد بتونس زمن الدكتاتور بن علي وتحصل على عمل في حضائر البناء في مدينة تاجوراء وهذا أقصى ما يمكن أن يتحصل عليه مهاجر تونسي الى ليبيا زمن الدكتاتور القذافي أيضا وظل الرجل يعمل بتفان لتوفير لقمة العيش لأسرته التي تنتظر قدومه في سبيطلة وظل يمني النفس في بناء مستقبل يضمن له ولأفراد أسرته العيش الكريم غير عابئ بالغربة وقساوتها ولما اندلعت الأحداث غرب طرابلس كما نعلم جمع أمتعته واستقل سيارة أجرة صحبة قريب له وقفلا راجعين الى تونس ولكن من سوء حظهما اعترضتهما دورية تابعة لكتائب القذافي في مدينة بن غشير وأوقفتهما والتهمة أنهما تونسيان وتونس كانت سببا في تسريب الثورة الى ليبيا حسب رأيهم هكذا كانت تقاس الأمور في ليبيا وتم اقتيادهما الى السجن المشهور سجن أبوسليم بضواحي طرابلس حيث وجدا العديد من الموقوفين دون تهم من مختلف الجنسيات ولما سألناه هل كنتم على اتصال معه في السجن أجاب بأنهم كانوا يتصلون به هاتفيا من جوال سجين من النيجر خلال الأيام الأولى وكان يشتكي من الجوع والعطش خاصة وأنه كان مريضا بالسكري ومن التعذيب ولكن بعد خمسة أيام انقطع الاتصال الهاتفي معه ولكن أصدقاؤه في السجن أكدوا عبر مكالمة هاتفية أنه أخرج منه الى المستشفى نظرا لتدهور حالته الصحية ومنذ ذلك الوقت انقطعت أخباره ويضيف أنهم اتصلوا بالدبلوماسيين التونسيين في طرابلس الذين كثفوا عمليات البحث عن الرجل في المستشفيات والسجون الى أن تم العثور عليه جثة في مستشفى عين زعرة بضواحي طرابلس وأمكن لهم استقبال الجثمان في سبيطلة وتكفلت الدولة التونسية بكل المصاريف وبعملية نقل الجثمان من طرابلس الى سبيطلة، محدثنا تميم الذي تقدم بالشكر الى الحكومة التونسية آنذاك يطالب اليوم بالكشف عن ملابسات وفاة شقيقه وأسبابها خاصة وأنهم أودعوا ملفا بخصوص هذا الأمر في وزارة الخارجية التونسية والى اليوم لم يتحصلوا على الردّ وأضاف أن موت شقيقه لم يكن طبيعيا وربما كان تحت التعذيب وهو يوجه نداء الى السلطات التونسية بفتح هذا الملف والتعامل معه بصفة جدية لأنه لا يهم فقط شقيقه بل يهم سمعة الدولة لان الاعتداء على مواطن تونسي هو في النهاية انتهاك لحرمة الدولة.