أثار قرار الاعفاء الذي شمل مجموعة من القضاة من مهامهم جدلا حول ما مدى شرعيته وانصهاره في مسار تحقيق اصلاح القضاء فبينما اعتبرت وزارة العدل ان القرار قانوني وجاء بعد دراسة دقيقة للملفات اعتبره القضاة تجاوزا للقانون وتكريسا للهيمنة. أكد السيد منذر بالضيافي المكلف بمهمة لدى وزير العدل في لقائه ب«الشروق» ان قرار الاعفاء اتخذ بعد تحريات دقيقة للملفات استمرت أكثر من ثلاثة أشهر، موضحا ان لوزير العدل الصلاحيات الكاملة لاتخاذ مثل هذه القرارات.
وأضاف ان الوزارة أمهلت القضاة المشمولين بالاعفاء مهلة بثلاثة أيام للاطلاع على ملفاتهم ورفع الظلم مشيرا الى ان قرار الاعفاء لم يوقع بعد من طرف رئيس الحكومة الذي سينظر في تلك الملفات وعما تم تداوله بخصوص اعفاء قاض قيل انه متوفي منذ سنة أكد السيد بالضيافي أن تلك التسريبات اشاعة وأن القائمة تضمنت قضاة على قيد الحياة ومن مختلف الرتب القضائية.
اعفاء من المحاسبة قبل ان يكون اعفاء من العمل
هذا ما أكدت عليه رئيسة النقابة السيدة روضة العبيدي اذ أوضحت ان الطريقة التي اعتمدها وزير العدل فيها ظلم للشعب أولا الذي حرمه من الاطلاع على حقيقة الانتهاكات في القضاء، وقالت ان للقرار حدين اذ قدم هدية لمن أجرم فعلا وحرم من لم يجرم من حقه في الدفاع عن نفسه، وأكدت ان الغاية الاساسية هي تكريس هيمنة وزير العدل على القضاء.
الاعفاء في القانون التونسي
اعتمدت وزارة العدل في اصدار قرار الاعفاء على الفصل 44 من قانون 1967 المتعلق بنظام القضاء والمجلس الاعلى للقضاء والقانون الأساسي للقضاء، والمتعلق أيضا بالجرايات والعطل والالحاق والاحالة على عدم المباشرة والتمديد في مدة المباشرة وانهائها.
وأوضح القاضي رضا الطرابلسي ان العزل عقوبة تأديبية لا يقررها الا مجلس التأديب بعد احترام الاجراءات القانونية وقال ان وزير العدل لم يستعمل هذه الطريقة بل استعمل آلية الاعفاء وهو أمر غير قانوني، اذ لا يمكن اتخاذها ضد قضاة مرسمين وعلى أبواب التقاعد.
وقال انه كان على وزير العدل اتباع الاجراءات القانونية وهي احالة القضاة المشبوه فيهم على مجلس التأديب للنظر في أمرهم بعد استدعائهم وتمكينهم من حق الدفاع وكان من الاجدر احداث الهيئة الوقتية المنصوص عليها طبق الفصل 22 لتتولى المهام التأديبية للمجلس الأعلى القضاء. وأضاف ان قرار وزير العدل خطير ولا يؤسس لمناخ قضاء مستقل بل سيخيف عديد القضاة وسيجبرهم على تنفيذ التعليمات.
ونشير الى أن بلاغ الوزارة جاء فيه ان بعض ملفات المعفى عنهم ستحال على القضاء، والسؤال المطروح هنا ماذا لو أثبتت المحاكمات عكس ما جاء بالقرار الوزاري هل ستعتذر لهم الوزارة؟ وهل سيباشرون مهامهم من جديد؟ خاصة ان البعض ممن شملتهم القائمة أكدوا انهم لم يخضعوا الى التحقيق ولم يتم الاستماع اليهم من طرف التفقدية.