في مؤشر على بداية تغير الموقف الروسي حيال الأزمة السورية رجحت موسكو مناقشتها للسيناريو اليمني في سوريا مشددة في الآن نفسه تمسكها رفقة الاتحاد الأوروبي بخطة عنان للسلام التي رفضت دمشق أي تمثيل للجامعة العربية داخلها. وأعلن رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمن فان رومبي أمس أن روسيا والاتحاد الأوروبي يعتبران انه لا بديل عن خطة التسوية التي طرحها المبعوث الاممي والعربي كوفي عنان لحل الأزمة في سوريا.
مساندة كاملة
وقال فان رومبي خلال مؤتمر صحفي جاء عقب قمة روسيا الاتحاد الأوروبي التي جرت في مدينة بطرسبورغ الروسية: «نعرب عن مساندتنا الكاملة لبعثة المراقبين الدوليين (الى سوريا).. اعتقد ان هناك تقييمات مختلفة لدينا ولدى روسيا، ولكننا متفقون على أن خطة عنان تعطي بشكل عام الإمكانية الأفضل لوقف العنف والحرب الأهلية وإيجاد حل سلمي للمعضلة».
واعتبر «انه من الضروري توحيد الجهود الدولية لإيجاد حل للازمة في سوريا». من جهتها , قالت كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي والتي التقت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في بيان ان الازمة في سوريا وصلت الى «نقطة حرجة» وان «دور روسيا حاسم بالنسبة لنجاح خطة عنان». وأضافت أن الاتحاد الأوروبي يريد «العمل بشكل وثيق مع روسيا لايجاد وسيلة لانهاء العنف ودعم الخطة».
النموذج اليمني
وفي ذات السياق السوري , أكد ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسية أمس أن بلاده لن تحدد موقفها من الأحداث الراهنة في سوريا إلا بعد تلقي نتائج مهمة المبعوث الاممي والعربي إلى سوريا كوفي عنان.
وأضاف بوغدانوف في تصريح لصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية نشر أمس «أن سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي على اتصال دائم بعنان وأن الوضع في سوريا بات معقدا للغاية ولا يطرأ عليه أي تحسن»، مطالبا «بضرورة عدم استباق الأحداث بأحكام أحادية الجانب».
وكشف عن استعداد موسكو لإمداد بعثة عنان بخبراء القانون الجنائي للتحقيق في مذبحة الحولة، في حال طلب عنان ذلك. ولم يستبعد المسؤول الروسي تطبيق السيناريو اليمني في سوريا، مشيرا في الوقت ذاته إلى اختلاف الظروف والملابسات بين الأوضاع في سوريا والأوضاع اليمنية. وقال بهذا الصدد «إن المعارضة اليمنية كانت منظمة وتمثلت بشخصيات معروفة، ومنها من كان في السلطة إضافة إلى أنها – أي المبادرة - انطلقت عن مجلس التعاون الخليجي وأيدها مجلس الأمن الدولي بالإجماع».
وتابع «مثل هذا النموذج يمكن مناقشته بالنسبة لسوريا»، مشيرا إلى أن موسكو «تؤيده لتحقيق الوفاق الوطني والاتفاق حول شروط المرحلة الانتقالية»، وهي الأمور التي قال إن الأطراف السورية مدعوة لمناقشتها والبت فيها، وإن أعرب عن عدم ارتياح بلاده لتشرذم المعارضة السورية وعدم الاتفاق فيما بينها. وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قد قالت «إن على روسيا أن تساعد في عملية الانتقال السلمي للسلطة في سوريا».
وأكدت الوزيرة الأمريكية في مؤتمر صحفي بستوكهولم الليلة قبل الماضية أنها ناقشت الوضع السوري مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف فقد قالت: «كانت رسالتي لوزير الخارجية الروسي بسيطة وواضحة... يجب أن نكثف جهودنا من أجل تحقيق الانتقال السياسي للسلطة في سوريا، ويجب على روسيا أن تساعد في ذلك».
وأضافت كلينتون أن الشعب السوري يستحق التغيير، ومن الأفضل أن يكون التغيير سلميا. وأكدت أن الوزير الروسي تحدث أيضا عن ضرورة التغييرات في سوريا. وواصلت: «إنه (لافروف) أشار إلى التجربية اليمنية.. إن الأمر تطلب الكثير من الوقت والجهد من جانب عدد من البلدان التي عملت على تحقيق الانتقال السلمي للسلطة، ونود أن يحدث شيء مماثل في سوريا».
فيتو سوري ضد الجامعة
في المقابل, أكدت سوريا رفضها أي تمثيل للجامعة العربية في خطة الموفد الدولي إلى سوريا كوفي عنان، معتبرةً أن الجامعة أصبحت «رهينة» الموقف السياسي المنحاز لجهات تستحضر التدخل الخارجي في سوريا.
واعتبر المندوب السوري الدائم لدى جامعة الدول العربية يوسف الأحمد، في تصريحات نشرتها صحيفة تشرين الحكومية أمس أن الجامعة « تعرقل أي حلّ سياسي يقوم على الحوار الوطني وتشجع وتمول اطرافاً في المعارضة ومجموعات إرهابية متطرفة تعمل على تأجيج الأزمة وإشاعة الفوضى وعدم الإستقرار في البلاد».
كما أشار الى أن ما صدر عن مجلس الجامعة من قرارات السبت الماضي «يرسخ من جديد موقفها السلبي وغير المتوازن ويؤكد الحاجة الماسة الى قيام جهد عربي حقيقي من أجل إعادة تصحيح مسار عمل الجامعة».